هل يستعيد لبنان زمن الوصاية وبصورة معاصرة؟

Myriam Topalian
Lundi 22 février 2021
Organisateurs


يشهد لبنان تقلبات سياسية منذ إستقالة الرئيس سعد الحريري حتى اليوم الذي أعيد فيه تكليفه من جديد لتشكيل الحكومة. لطالما كانت السياسة الداخلية متّصلة بالقوى الخارجية ولاسيما السورية بتدخلات أمريكية محض. فقرار التشكيل لا يأتي من مبادرة وطنية بل كانت دمشق تحتضن لبنان وسياسته ليصبح رهينة أو ضحية الوصاية السورية. هل سيسترجع لبنان زمن الوصاية؟ لم تتبدل صورة لبنان إقليمياً ودولياً منذ الحرب الأهلية. 

فهذه ال-١٠٤٥٢ كم2 لا يقوى عليها عهد من دون تدخلات أجنبية وعربية لحل النزاعات السياسية الداخلية. مشهد يتكرر بصورةٍ معاصرة منذ التدخل الأخير للدولة القطرية بشأن الإنتخابات الرئاسية. 

عرض من التاريخ 

حصل الرئيس السوري الحالي بشار الأسد على منصب الرئاسة في العاشر من يوليو ٢٠٠٠، وأعتقد البعض أنه فشل في السيطرة على الملف اللبناني في حين نجح والده في الإمساك به طيلة ٢٥ سنة. خلال حقبة الوصاية السورية وتحت شعار "إلى الأبد، سوريا الأسد"، هيمن الجيش السوري على مفاصل كثيرة من الحياة السياسية اللبنانية . كان الاستبداد السوري يبرز أكثر واكثر على وجه معظم السياسيين اللبنانيين في ذلك الحين وكانوا يظهرون أنواعاً من الخضوع ويتلقون تعليماتهم من رئيس جهاز الأمن والاستطلاع  غازي كنعان الذي حل مكانه رستم غزالي حينها.  

اعتقد اللبنانيون أن الإنسحاب السوري واجهزة مخابراته من لبنان سيؤدي إلى بناء الدولة من جديد بعد ثورة 2005.  ولكن بقيت الإتفاقيات  و"معاهدة الاخوة والتعاون" ولو من دون تنفيذ، ولم يلغ المجلس الأعلى اللبناني - السوري والوصاية السوريّة أصبحت وصاية بالوكالة عبر "حزب الله ومحور الممانعة" بقيادة إيران. 

مشوار ما بعد الوصاية

إكتمل مشوار ثورة ٢٠٠٥ مع الإنسحاب السوري وهزت ثورات عدة العالم العربي بدءًا من ٢٠١١ وسميت بالربيع العربي وتلتها  الانتفاضة في لبنان. ثورة السابع عشر من تشرين الأول ٢٠١٩، ثورة شعبية تسببت باستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري وأيقظت أحلاماً بالديمقراطية والحرية.  بعود ثقاب أشعل وزير الإتصالات السابق محمد شقير الرأي العام اللبناني وإنطلق هذا الزلزال السياسي وأدى إلى نتائج متفاوتة.  في حين اشتدت الأزمة السياسية وطالت الرأي العام بعد حادثة إنفجار بيروت، أطلق الرئيس الفرنسي مبادرته لتشكيل الحكومة وتبنى هذه القضية بدلاً من دمشق. تطور مشهد الوصاية،  إن جاز التعبير، وانتظرنا نتائج الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، وتوصلت باريس وواشنطن إلى موقفٍ مشترك من الوضع اللبناني. أما على الصعيد العربي،  كان لمصر والإمارات حصةً في مفكرة الحريري من أجل السعي لتشكيل الحكومة.

لم يعرف لبنان معنى واضحاً للإستقلال. هو مجرد غلاف جذاب، نستعمله حين نريد أن نتذكر سنوات ما قبل ١٩٧٦ ولكن يبقى باطنه مظلماً. نحن نقطن في قوقعة من دون مخرج، نتلهف أن نعيش حياة الديمقراطية والحرية في بلد مستقل، بعيداً عن الوصاية الدولية. نحن نستمر في عيش دور الضحية ولم نستطع يوماً أن نلملم أشلاءنا التي تلاشت منذ أيام الحرب الأهلية.  بقيت صورة لبنان جيوسياسياً  كما هي، "كل ما دق الكوز بالجرة" نكون رهينة الأمر الواقع وضحية السياسة الخارجية التي تبحث عن مصالحها في لبنان.