حدثا ٢٠٢١

Hiba EL ACHKAR
Mercredi 5 mai 2021
Organisateurs


حدثان مهمّان في عام واحد، عام ٢٠٢١، حدثان نزلا على لبنان في فترة وجيزة بعد انفجار ٤ آب، حدثان يحملان تغييرات جذريّة للبنان. "المشروع الألمانيّ وترسيم الحدود". 

هل سيوفّر هذان الحدثان  نقلة جذريّة للبنان الغد؟ وهل يكفي أن نستمدّ طاقاتنا ومشاريعنا وتمويلنا من الخارج فقط؟ ما دور شباب اليوم في مستقبل لبنان؟

بدأ الاهتمام بمسألة الغاز والنّفط في لبنان منذ عهد الانتداب الفرنسيّ، إلّا أنّ الضّغوط السّياسيّة وظروف الحرب الأهليّة وصعوبة استخراجه في الماضي شكّلت عوامل أخّرت عمليّة التّنقيب والبحث. أمّا اليوم، فنشهد على عمليّة ترسيم الحدود المائيّة الّتي ستشكّل،  ولو حُلّت، المعبر الأوّل نحو عمليّة استخراج النّفط. فقد أكّدت آخر الدّراسات أنّ بحر لبنان يعوم على غاز يفوق ١٢٢ تريليون قدم مكعّب و ٣٠ إلى ٤٠ مليون  برميل من النّفط الخام. 

وقد أطلّ وفد ألمانيّ ضمّ ممثّلين عن شركات ألمانيّة، حاملًا معه مشروعًا ضخمًا لإعادة إعمار مرفأ بيروت ومحيطه. ويرى القيّمون على المشروع أنّه يضمّ خطّة لبناء مدينة جديدة، وقال لارس غرينز من شركة ميناء هامبورغ الاستشاريّة إنّ الخطّة تهدف إلى تطوير مرفأ بيروت ليكون ذات مستوى عالمي رفيع. وتتراوح كلفة هذا المشروع بين ٥ و١٥ مليار دولار، أما الأرباح المقدّرة من المنطقة السّياحيّة وحدها فتصل إلى نحو ٢٠٥ مليار دولار سنويًّا تضاف إليها نسبة من إيرادات المرفأ. فضلًا عن توفير ٥٠ ألف وظيفة جديدة. وسيُعمَل على بناء مرفأ عصريّ يعتمد نظام التحكّم الرّقميّ كما ستُقام سكك حديديّة تبدأ من المرفأ وتصل إلى منطقة رياق. كلّ ذلك يدخل ضمن نظام (design, build, operate, transfer) DBOT، أي التصميم ثمّ البناء ثمّ التّشغيل، قبل الوصول إلى المرحلة الأخيرة وهي إعادة الملك إلى الدّولة اللّبنانيّة.

بين المشروع الألمانيّ وترسيم الحدود خطط بنّاءة لبناء لبناننا الجديد، ومع نظام DBOT ينقصنا وجود أسطول بحريّ لبنانيّ متطوّر  ومصافي نفط حديثة في طرابلس والزّهراني وخزّانات كافية لتخزين الكمّيّات المنوي استخراجها، إضافة إلى تحديد المناطق الاقتصاديّة وإنهاء التّرسيم مع كلّ الجوار. 

كلّها مراحل تغدو قريبة المنال شرط الشّفافيّة، ولكن لحين تلقّف الخيوط الأولى لبناء لبناننا، لمَ لا ننظر إلى داخله العميق، إلى مستقبله، مستقبل شبابه؟ لمَ لا نبدأ بتطوير مناهجنا ونُدخل الاختصاصات الوافية إلى الجامعات وكلّ ما له علاقة بالبترول والغاز وما يرتبط بهما من صناعات لنؤمّن اكتفاءنا الذّاتيّ في التّشغيل واليد العاملة ونحمي خصوصيّات الدولة ومستقبلها عبر اكتساب المعرفة من الدّاخل؟

هل وضعت الجامعات الرسميّة والخاصّة خططًا لإنشاء كليّات وفروع تساعد الطّلاّب على التّخصّص بحسب حاجات السّوق المستجدّ والّتي على رأسها الغاز والبترول، وتعمل على تأهيلهم لتأمين احتياجات قطاع البترول كافّة؟ لمَ لا يتم تحويل المنح الخارجيّة إلى مشروع داخليّ هادف؟ ولمَ لا نرسل بطلب نادي الغوّاصين اللّبنانيّين ونؤمّن لهم التقنيّات والمعارف كافّة ليتمكّنوا مثلًا، من اكتساب تقنيّة تلحيم المعادن تحت الماء وتوليد الطّاقة الكهربائيّة عبر المنصّات البحريّة...

ثورتنا الاقتصاديّة تتحقّق بثروة شبابنا ومستقبلهم، تتحقّق من جامعاتهم، من ووطنهم لبنان و ترابه.