هرمتُ قسرًا

Juillet 2021

متى تعرف أنّكَ هرمتَ؟

تدركُ أنّك تطعن في السنّ حين تطْمر أحلامًا سبقَ وصممتَ لها تحت همومٍ بسيطةٍ تلائم عمركَ ككيسٍ من الحليب. متى نسيْتَ السّفر والحب والاندفاع وزرعتَ كافّة اهتمامِك في سعر حبّتَين من الفاكهة.

حين ترهقكَ السّنين، تنسى عشقكَ للعجلة، ولا تبالي بانتظارِ دورك لساعاتٍ أمام أحد الحوانيت وسط حشدٍ سمع مثلك نبأ انقطاع موادٍ قيلَ عنها غذائية.

تيقن أنّ الشّيب استعمر رأسكَ حين تسلّم نفسك لحكّامٍ، عفوًا، لأقدارٍ تحتّمتْ عليكَ إذ فشلتَ في مقاومتها. فلا تنتفضُ ولا تثورُ لأنّك تعرف أنّ وطنك، عفوًا، أنّك ذاهبٌ إلى الزّوال، أقصد عالمًا آخر.

يمسى المرء عجوزّا حين تنتزع تأشيرةٌ، عفوًا، الحياةُ، والدَيه ويغدو أسير عالمٍ موحشٍ إذ أبعده الذلّ، أقصد الزّمن عن دفء أحضانهما.

تدركُ أنّك هرمتَ متى امتنعتَ عن مشاعرَ أفرطتَ فيها خلال صباك من غضبٍ وهدوءٍ ورفضٍ وقبولٍ وحبّ وتفاؤل. وإذا بدمعتَين حائرتَين  تقفان في عينيك. لا تعودان أدراجَهما ولا تنزلقان على خدِّك بل تصهران كغصّةٍ في جوفِك، كفضيحةٍ لما لم تقمْ به في شبابكَ، لما منعوكَ عن اتمامِه، لما قبلتَ فيه على مضض، لآمال احترقت، لذكرايات ما زلْت تجهل من فجّرها، لكلّ ما ذهب أدراج الرياح ولن يعود.

تصمُت، تنتظرُ، الساعة تقترب. 

 

كلارا الحايك

L4