ندوة جمعية "تصالح" وجامعة القديس يوسف وجامعة المقاصد

أجوبة جديدة على أسئلة قديمة
السبت 19 شباط 2022
Auditorium François S. Bassil - Campus de l'innovation et du sport

خلاصة بقلم البروفسور أنطوان مسرة 

عقدت جمعية "تصالح" وجامعة القديس يوسف وجامعة المقاصد، في اطار معهد الدراسات الإسلامية المسيحية وكرسي اليونسكو لدراسة الأديان المقارنة والوساطة والحوار في جامعة القديس يوسف، ندوة في قاعة فرنسوا باسيل، السبت 19/2/2022، بمشاركة اكثر من أربعين من الفاعلين في مؤسسات دينية مسيحية وإسلامية وتربويين وطلاب في المرحلة الثانوية.

          موضوع الندوة: "مشروع دليل: التنشئة على الايمان والاخوة الإنسانية"، الذي أعدته لجنة متخصصة انطلاقًا من الإعلانات المشتركة المسيحية الإسلامية في السنوات 1954-2012 والاعلانات الأخيرة منذ 2017. وينطلق مشروع الدليل من رصد ابرز التحولات في عالم اليوم التي هي من المفاعيل السلبية للتكنولوجيا والعولمة وتتطلب أجوبة جديدة على أسئلة قديمة (يراجع الملف الموزع، ص 6-8).

وصفت الندوة ووثيقتها من احد المشاركين بأنها "انجاز كبير!" نقول بالأحرى: انها بداية انجاز يتطلب تطبيقات تربوية نموذجية تثير التماثل والاقتداء وخروجًا عن نمطية يجب ويقتضي وينبغي ("ينبغيات") وخروجًا عن اعداد نصوص ريادية بدون البحث في متابعتها وتطبيقاتها. كيف نشرح، على سبيل المثال وكما ورد في الندوة، "ميثاق المدينة" للجيل الجديد؟

 

1

مداخلات توضيحية في التطبيق والتعميم

 

          وزع على المشاركين سابقًا مشروع الدليل بالبريد الالكتروني وايضًا ملف توثيقي (17 ص). تولت تنسيق الندوة السيدة بينالا الحاج بالتعاون مع فريق عمل "تصالح".

          جاء في كلمة رئيس جمعية تصالح ورئيس جامعة القديس يوسف البروفسور سليم دكاش   اليسوعيّ: "التحديات كبيرة في بنية علاقاتنا ولتحويل كلام الاخوة البشرية الطبيعية من شعار ومبدأ الى واقع وفعل. يتطلب ذلك اقتناعًا ذاتيًا، هذا ما قاله البابا فرنسيس عائدًا من العراق. الأمثلة المعاشة عديدة وتتعلق بمصير الإنسانية. نرى كل يوم ان الاخوة الانسانية مهدّدة. التأمل المشترك هو الطريق الى المضمون على مستوى الجامعات والمؤسسات تأسيسيًا لمواقف وقيم ونهج تربوي. يصادف تاريخ 4 شباط السنة الأولى للاخوة الإنسانية. هل ننتقل من الاحكام الجميلة الى العمل التربوي الفاعل ويصبح بالتالي مشروع الدليل واقعًا؟"

          وجاء في كلمة د. محمد فرشوخ، جامعة المقاصد: "تأسست جامعة القديس يوسف وايضًا المقاصد قبل التأسيس الرسمي للدولة اللبنانية. التقينا وتشاركنا لأننا مؤسستان مؤمنتان. ما يواجه مشروع الدليل الحادية مادية مُتجددة. يميز مشروع الدليل بين ثلاثة مستويات مع حصر الاهتمام بالمستوى الأول الذي هو الأساس والمنطلق: المسار الايماني، التعليم الديني، الثقافة الدينية".

          وجاء في كلمة د. عبد الرحمن شمس الدين، جامعة جورجتاون: "المنهجية تواصلية في مشروع الدليل. ما يحفظه التلامذة ويفرغونه في امتحان لا يصبح بالضرورة جزءًا من نظامهم الفكري ويظل المضمون غريبًا. أسلوب الكينونة هو الفاعل".

          وقالت السيدة نبيلة السماك التي تعّد بحثًا تطبيقيًا في جامعة القديس يوسف حول كتب التربية الدينية: "في افواهنا غير ما في قلوبنا! حتى المعاناة المشتركة لا تشكل لنا جسرًا. المؤمن من الدين الآخر غير موجود في كتب تربية دينية! ونلاحظ غياب شهادات في كتب تربية دينية في حين ان ادب الغزالي وغيره بالغ الغنى".

          واوجز د. احمد حطيط، احد أعضاء وضع مشروع الدليل وعضو مؤسس "لتصالح"، المداخلات الافتتاحية بالتركيز على "ضرورة الاطلاع على مشروع الدليل وان تنحصر المداخلات في اطاره اي الايمان والاخوة الإنسانية".  

 

2

أربعة توجهات للمتابعة

 

          يستخلص من المداخلات والمناقشات اربعة توجهات للمتابعة:

          1. موضوع الدليل هو الايمان والاخوة الإنسانية: ورد لاحد المشاركين: "يتوجب الإقرار ان الايمان لم يرد مفهومًا ومضمونًا في كتب دينية. ونفتقر الى المعلم الموجه للايمان والمدرك للابعاد الثقافية وجوابًا على تساؤلات الجيل الجديد". وورد ايضًا ان التربية الأخلاقية والتربية المواطنية... لها مضامين ومنهجيات مختلفة. وجاء لاحد المشاركين: "التعليم هو احيانًا مذهبي، حزبي، حيث يتحول الى حصص أيديولوجية. لم نتعمق في البنية التحتية للتعليم" (حسن الأمين). وورد ايضًا: "لا لتعليم ديني منغلق. ما نزرعه في جيلنا نحصده في وطننا".         2. مشروع الدليل وسيلة وليس هدفًا: واجه، ويواجه، واضعوا مشروع الدليل مخاطر تحويله الى هدف بذاته يضاف الى مجموعة الوثائق السابقة الريادية حول العلاقات المسيحية الإسلامية منذ 1954 والوثائق الحديثة منذ 2017! انه وسيلة وخريطة طريق. الهدف هو المضامين التطبيقية في التنشئة على الايمان والاخوة الإنسانية.

          يستخلص من قراءة كتب مدرسية في التربية الدينية في لبنان ان الأهداف المعلنة في الصفحات الأولى لا يتم ترجمتها عمليًا في المضمون! هل الاهداف وسيلة تغطية وتبرير؟ والأهداف واردة غالبًا بصيغة عمومية بدون تحديد التوجهات التطبيقية. المعضلة تاليًا في التطبيق، وليس في مبادئ عامة قد يجهل واضعوها بالذات، غالبًا عن حسن نية، مساراتها التنفيذية. ترد تاليًا في مشروع الدليل بعض التفاصيل الإجرائية ومراجع تطبيقية حول مضمون الايمان والاخوة الإنسانية.

          جاء في المناقشات: "قد ينجرف التعليم في تمذّهب، وتعصب وتطرف". وتساءل د. عبد الرحمن شمس الدين، جامعة جورجتاون: "اين موقع الادب الديني؟" وجاء في المناقشات: "يد السياسة على البرامج طاغية بشكل غير مباشر من قبل نمطية تعليمية". وجاء ايضًا في المناقشات: "شبابنا عرضة للتعصب واصبح غالبًا تعبير متدّين religieux مرادفًا لمتعصب! هل نعيد تفسير التراث الديني herméneutique؟ الدين بلا انسان جسد بلا روح. القناعة الذاتية هي الأساس" (الاب رمزي جريج). وجاء في المناقشات: "العطش الى المعنى هو الجوهر". وايضًا: "نعاني العديد من الإخفاقات. الايمان الصادق هو السبيل للتلاقي". يعلو الايمان في جوهره على أي هوية جماعية او وطنية. ورد في احد الكتب: "نبي المسلمين"! وهل يسوع معلّم "جماعته"؟[1]

          3. انتاج نماذج تطبيقية: تشمل المراحل المقبلة للبرنامج التعمق في مشروع الدليل الذي سيبقى مشروعًا ودليلاً في 2022-2023، مع اغنائه لاحقًا بملاحظات وخبرات المشاركين وبنماذج تربوية تطبيقية يتولى اعدادها تربويون في مدارس خاصة ورسمية. جاء في المناقشات: "لا نعتمد بالمطلق على مؤسسات رسمية في سبيل انطلاقة التغيير بل نباشر بمبادرات تثير التماثل والاقتداء" (مهدبة فتاح). وجاء ايضًا: "الحاجة الى استعادة مسار وتعميمه من خلال طرائق تفاعلية ناشطة وبواسطة تربويين مثقفين" (ندى حسن فياض).

أوردت الأخت اميلي طنوس، من راهبات القلبين الأقدسين، خبرة معاشة في بعض مناطق بعلبك سنة 2009: "اتخذت قرارًا صعبًا بالعدول عن تعليم ديني مبرمج بسبب مداخلات هيئات دينية لأهداف هي اقرب الى السياسة والحزبيات، وليس الارتقاء الروحي والإنساني للتلامذة. نقل الي بعدئذ التلامذة أصداء قناعاتهم من خلال تربية دينية اكثر اصالة".

          4. تعميم مشروع الدليل في مختلف المناطق في لبنان بمشاركة تربويين وتلامذة في الصفوف الثانوية: يتم اغناء المشروع بوثائق تربوية تطبيقية من اعداد المربين وبعد عقد ندوات مناطقية في طرابلس وصيدا وزحله، بالتعاون مع مؤسسات دينية وتربوية مسيحية وإسلامية.

______________________________

 

[1] . في الملف الموزع على المشاركين:

A. Messarra, “Foi ouverte ou enseignement religieux identitaire ? » L’Orient-Le Jour, 9/2/2010 (synthèse du séminaire à l’IEIC-USJ du 9/1/2010).

وباسكال عازار، "التربية الدينية العربية مؤتمر في اليسوعية: لا يجوز ان ترتبط بالهوية انما بالايمان"، النهار، 11/1/2010.