أيّها اللبنانيّون لن يكون لكم وطن غير الوطن اللبنانيّ

رئيس جامعة القدّيس يوسف في خطابه السنوي لمناسبة عيد شفيعها
السبت 19 آذار 2022
18.00
Campus des sciences et technologies
Organisateurs


احتفلت جامعة القدّيس يوسف كعادتها سنويًا، بعيد شفيعها، فأقامت قداسًا احتفاليًا حضره  عدد من أعضاء مجالس الجامعة والعمداء والمديرين ومستشفى أوتيل ديو دو فرانس، وبحضور وزير التربية والتعليم العالي عبّاس الحلبي، في حرم العلوم والتكنولوجيا في مار روكز، ونُقلت وقائعه مباشرة عبر صفحة الجامعة على فايسبوك وعلى شاشة تيلي لوميير.

احتفل بالذبيحة الإلهيّة الرئيس الإقليميّ للرهبنة اليسوعيّة في الشرق الأدنى والمغرب الأب ميخائيل زمّيط، وعاونه رئيس الجامعة ولفيف من الكهنة، كما شارك فيه السفير البابويّ المونسنيور جوزيف سبيتيري.

ألقى رئيس الجامعة الجامعة البروفسور سليم دكّاش خطابه السنوي وحمل عنوان: "المقاومة وتجديد الفكر وإعادة البناء في لبنان :الجامعة في مواجهة الأزمة".

استهلم دكّاش معاني العيد من شخصية القدّيس يوسف وذكّر بما قاله قداسة البابا فرنسيس، فقال عن القدّيس يوسف: "إنّه مرشد لأنّه اتّخذ أفضل طريق، إنّه الشخص الذي يأخذنا بيدنا ويقول لنا : "تشجّعوا، هناك دائمًا طريق أفضل". بالنسبة إلينا اليوم، هو يدلّنا على طريق المقاومة، وتجديد الفكر وإعادة البناء، إنّه يرينا ما هو أساسيّ. نحن مطالَبون، بحكم مكانتنتا ودورنا، كجامعة في لبنان الأمس واليوم، أن نقاوم ونجدّد الروح ونُعيد البناء حتّى تتخطّى الجامعة الأزمة!". وأضاف: ".بالنسبة إلى قداسة البابا، كان يوسف من أوائل المقاومين عندما قال "لا" للطاغية، بقوّة صمته، وقرّر أن يهرب بالطفل إلى مصر، من الطاغية المهيمن في تلك الحقبة وكان اسمه هيرودس المتعطّش للدماء. هذا يعني قول لا بقوّة الكلام، حتّى لو كان هناك ثمن يجب دفعه. إنّه التأكيد على أنّ مقاومتنا اللبنانيّة هي رفض من يقطع الروابط الاجتماعيّة بيننا كلبنانيّين، وما يمكن أن يقطع هذه الروابط".

اعتبر دكّاش أن  المقاومة واجبة لاستعادة الأمل، محدّدًا صفات هذه المقاومة وملامحها، فقال: "المقاومة بالكلمة والقلم، وبالقلب والعقل هي حقّنا وواجبنا لأنّنا، منذ سنوات، نرفع الصوت في هذه الجامعة وعلى مستوى فكريّ لبنانيّ رفيع من أجل أن يكون هذا البلد أفضل ومحكومًا بطريقة جيّدة من أجل صالح الجميع وليس من أجل بعض المرتهنين الذين نُصّبوا في مواجهة المواطنين!"، وتابع: "إن كنّا قد أعلنّا المقاومة فهذا ليس فقط بسبب وجود أزمة عميقة تهدّد بتدمير هذا النظام الاجتماعيّ، وفي هذه الحالة، نظامنا التعليميّ، بل لأنّ الأمر يتعلّق بالأحرى بخطرٍ يهدّد بزعزعة استقرار تعليمنا العالي التاريخيّ وقيم الاستقامة، والنزاهة الفكريّة، والمساواة في الأخوّة، والحريّة التي لا تخلو من المسؤوليّة، والتي سعى هذا التعليم دائمًا إلى تغذيتها وتجذيرها في القلوب كما في العقول"،  وأن "المقاومة الحقيقيّة هي التي تقوم على التطوّع الملتزم، في تأكيد القيم التي نعتبرها أساسيّة. هذا التطوّع المدعوم بالالتزام المقاوم الذي لا يخلو من المجازفات الشخصيّة. إنّ مقاومة ما هو غير مقبول تعني وضع حياة المرء على المحكّ، سواء كان ذلك في لاوعي الشباب أو في مرحلة من المراهقة توشك على الانتهاء.  أمام هذا الواقع، نؤكّد مجدّدًا أنّ مقاومة الهجمات التي تبغي قتل هذه الثقافة هو حقّنا لا بل واجبنا". "إنّ مقاومتنا ليست مقاومة واحدة، بل لها وجوه متعدّدة. كلّ لبنانيّ وكلّ لبنانيّة يستطيع وتستطيع المقاومة على طريقته (ها)، مقاومة هؤلاء الجلّادين الذين لا يمكن أن يردعهم رادع، هؤلاء الجلّادين الذين لا حدود لهم إلا الجحيم وليس السماء. بالنسبة إلينا في هذه الجامعة، ومن منطلق الولاء لمن سبقونا ولرسالة تنشئة مهارات المستقبل، حقّقنا المستحيل من أجل الاستمرار على الرغم من انهيار إمكانيّاتنا الماليّة والماديّة، وبروح متحمّسة فرديّة، وجماعيّة، وتحدّينا جميع القيود والاضطرابات الناجمة عن وباء جائحة الكورونا. لقد قرّرت الجامعة وما زالت تقرّر كلّ يوم ضمان المقاومة الفكريّة في تنشئة شبابنا كواجب يحرّكه الولاء".

وتطرّق الرئيس في خطابه إلى مختلف الأزمات التي يعيشها المواطن اللبناني، وتعيشها الجامعة أيضًا، ودعا إلى ضرورة "المقاومة من خلال الاستمرار في رفع الصوت عاليًا حتّى نعرف كيف لا تزال مليارات العملات تخرج من البلاد. المقاومة حتّى يسترجع المودعون بسرعة المبالغ المصادرة من المصارف وتلك التي قامت الحكومات بتبديدها قبل الأزمة وهي مخصّصة للتعليم، لأنّ مستوى التعليم هو الذي سيكلّف إن لم يتمّ إعطاء جواب مناسب في الوقت المحدَّد. نحن لا نريد، تحت أي ظرف من الظروف، أن نصبح رهائن لأيّ شخص طلبًا للمساعدة. المقاومة بالمطالبة بقول الحقيقة حول الانفجار المزدوج في مرفأ بيروت، من أجل معرفة أسماء المسؤولين والدول المتورّطة، حتّى لو كانت مهمّة لا يمكن تقديرها، لكي يتسنّى لأهالي الضحايا أن يقوموا بحِدادهم ولكي تتحقّق العدالة، حتّى يتسنّى للشعب اللبنانيّ أن يشفى من هذه الصدمة الهائلة. المقاومة تتمّ وقد تمّت عن طريق توطيد الرابط الاجتماعيّ، كي نشعر بأنّنا متّحدون في الألم، وكذلك الأمر في كلّ عمل اجتماعيّ يقوم به المعلّمون والإداريّون وخاصّةً طلابنا، من أجل التخفيف من معاناة بعضهم البعض".

وتوقف على نجاح الجامعة في أصعب الظروف، لا سيّما التزامها بدعم مجتمعها وتضامنها معه، وقال: "لقد وقع اختيار الوكالة الدوليّة لتصنيف الجامعات بشأن التأثير المجتمعيّ للجامعات (تصنيف الـ"تايمز" للتعليم العالي") Times Higher Education على جامعة القدّيس يوسف للعام 2021 كأفضل مكان عمل في آسيا (أفضل مكان عمل في العام) ، في صميم أزمة جائحة "كورونا والأزمة الاقتصاديّة، وذلك بفضل "الجامعة في مهمّة" وعمليّة Rise to Bloom، وهذا الاختيار يبيّن أنّ مقاومتنا الاجتماعيّة والروحيّة لم تكن كلمة فارغة، بل عملًا تمّ تنفيذه في الحياة اليوميّة الملموسة ! أن تقوم وكالة Cliks Jazairi Awards  بتصنيف "عمليّة اليوم السابع" في جامعتنا ضمن أفضل ثلاث جامعات في العالم، من أجل عملها المدنيّ خارج حدود بيروت، هو علامة على أنّ مقاومتنا لم تذهب سُدىً وأنّ هدفنا هو تعزيز الروابط الاجتماعيّة، والأسريّة والروابط الثقافيّة، وعلاقات الصداقة، والروابط المهنيّة من دون إغفال تعزيز قدرات كلّ فرد لبنانيّ لأنّ فخر لبنان هو الفرد الكفوء بقدراته الفكريّة ولا سيّما تلك التي تتعلّق بالمواطنة".

ودعا الشباب إلى التمسك بأرضه، إذ قال: "دعونا نقاوم اليوم وغدًا في مواجهة نزوح أفضل أدمغتنا، هؤلاء الـ52 في المئة من عائلاتنا المصمِّمة على إفراغ لبنان من أدمغته ، لهذا النزيف المتمثّل في فقدان جذورنا وأنفسنا من خلال الآلاف من الشباب والبالغين هؤلاء الذين يغادرون كلّ يوم لانعدام الثقة بالنظام القائم. فلنقاوم من خلال إنشاء شبكات إقتصاديّة وتصميمها كي تُبقينا هنا، من خلال العمل من أجل الخارج، أو ابتكار شركات تجعلنا ننفتح على العالم". فالمقاومة "هي الحفاظ على نزاهة روح المرء وولائه لما يؤمن به، لما يدعوه الناس قيمهم. إنّها مقاومة كلّ ما من شأنه أن يخون تطلّعاتنا وأفكارنا" و"المقاومة تعني التشبّث بالحياة وحبّ البقاء ! تعني الاستمرار في جعل الجامعة تعمل بنسبة 10 إلى 15 في المائة من إمكانيّاتها العاديّة في أفضل أوقاتها، وتعني في الوقت نفسه بناء خطّة التعافي مع مجتمع المسؤولين ومجالسنا".

وعن الجامعة قال: "جامعتنا ليست فقط معهدًا مرموقًا للتعليم العالي الأكاديميّ الذي أثّر في تاريخ لبنان والمنطقة وله تقليد طويل من التنشئة من أجل تميّز الوطن. قريبًا، في غضون سنوات قليلة، سنحتفل بمرور 150 عامًا على وجودنا وسنحتفل بكلّ فخر واعتزاز لأنّنا، منذ نشأتنا، تمكنّا من الحفاظ على مكانتنا وتطويرها كموقع متميّز".

وأضاف: " تبقى وحدة اللبنانيّين همّنا الأساسيّ منذ البداية، من خلال العمل على إعطاء السلطات المحليّة الحصّة المعقولة والمرغوبة في إطار نموذج من اللامركزيّة الإداريّة والسياسيّة سيتمّ بناؤها. هذا ليس فقط مشروعًا علميًّا أضافته جامعة القدّيس يوسف للعمل اليوم مع البلديّات اللبنانيّة على هيكليّتها الإداريّة ووضع مؤشّرات حسن إدارتها، بل هو مشروع رائد وملموس، بالإضافة إلى مشاريع أخرى من أجل بناء لبنان الغد. على مقاعد جامعتنا، تعرّف الشباب اللبنانيّ على بعضهم البعض، مع بعض المشاكل والتحدّيات من أجل تشكيل جماعة. تمكّن طلّابنا الشباب، طوال سنوات دراستهم، من إقامة علاقات مهنيّة ووديّة وعاطفيّة تلعب دورًا هامًّا في تعلّم العيش المشترك اللبنانيّ وتعزيزه. هذا لنؤكّد على أنّه في أي شكلٍ من أشكال السلطة أو النظام السياسيّ الذي يجب التفكير فيه أو إعادة التفكير فيه في الذكرى المئويّة الثانية لإعلان لبنان الكبير، لا يمكننا أبدًا الاستغناء عن مثل هذه المقترحات الأساسيّة المتعلّقة بمستقبل لبنان! لقد أخذت جامعة القدّيس يوسف لبنان هذا على عاتقها وليس بلدًا آخر، وأصبحت عرّابته. إذا كانت الوصيّة الأولى تقول إنّه " لا يكن لك اله غيري"، فإنّ الوصيّة الأولى التي تتناول وجودنا السياسيّ اليوم وغدًا هي: أنتم أيّها اللبنانيّون لن يكون لكم وطن غير الوطن اللبنانيّ، لذلك عليكم ترسيخ قاعدته الاجتماعيّة والتفكير، لا بل إعادة التفكير في الرابطة السياسيّة والاجتماعيّة للانتماء إلى وطنكم بالأخذ بعين الاعتبار هذه الإصلاحات الأساسيّة التي يجب القيام بها".

ثم تتطرّق إلى ما تمّ إنجازه في الجامعة على صعيد لملمة الجراح وإعادة البناء، فأشار إلى ترميم المكتبة الشرقية، ووضع الحجر الأساس لمحتف بيروت للفن الحديث كمساهمة للجامعة في المقاومة الثقافيّة التي تشكّل جزءًا من المقاومة الوطنيّة، وترميم متحف عصور ما قبل التاريخ، وأشار إلى مساهمة الجامعة مع وزارة التربية والتعليم العالي في إعادة بناء قطاع التعليم العالي، مشيرًا إلى النتائج التي أسفرت عنها الاجتماعات في الأسابيع الأخيرة خصوصًا لناحية تحديد المراحل الثلاث الواجب الالتزام بها وصولاً إلى تعافي هذا القطاع، مشيرًا إلى الأزمات التي ألمّت به كفضيحة الشهادات المزورة وإعطاء التراخيص وغيرها من التحديات التي يواجهها القطاع.

وعن دور جامعة القدّيس يوسف في مساندة مجتمعها ودفعه نحو التطوّر والتنمية خصوصًا نحو تحقيق العدالة للجميع، أشار إلى أن "ضاعفت كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة في جامعتنا من الندوات والتفكير في هذه الإشكاليّة التي تكمن في صميم ولادة دولة لبنان الكبير من جديد في ذكرى مئويّته الثانية! لقد بدت استنتاجاتها، بصوت عميدتها، واضحة ومباشرة وهي: ضرورة تحقيق العدالة للجميع، بما فيها مواجهة الطبقة السياسيّة؛ لكنّ هذه الضرورة تلاشت وكادت تختفي وكأنّ البلد يبقى ويزدهر من دون ضرورة تحقيق العدالة لمن ينتهكها!  وكذلك الأمر، فإنّ هذه العدالة، على الرغم من وجود قضاة نزيهين ومستقلّين، يسيّرها أناس مرتهنون لهذا الحزب السياسيّ أو ذاك، ممّا يعني أنّها لا تتمتّع بالحريّة لتكون فاعلة وتًصدر أحكامها! العدالة من دون استقلال وحياد، ومن دون المقدرة على ملاحقة القاتل والمذنب، تصبح غير ذات أهميّة وتطلق العنان للإفلات من العقاب. إنّ أولئك الذين يؤمنون بهذا الاستقلال ويريدون محاربة الإفلات من العقاب كانوا قد تقدّموا بمشروع قانون في مجلس النوّاب لم يرَ النور بحجّة أنّ هذا القانون لم يبلغ النضج المطلوب. من لم يبلغ النضوج ؟ القانون أم الطبقة السياسيّة ؟ ومع ذلك، فإنّ ثورة 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) تدرك أنّه من الملحّ اليوم إرساء دولة القانون لمحاربة تضارب المصالح، والفساد، والتواطؤ الطبقيّ بين السياسيّين ورجال الميليشيات والمصرفيّين ووسائل الإعلام، وبعض من السلطة القضائيّة. إنّ إعادة بناء العدالة هو حجر الزاوية في تثبيت سيادة دولة القانون هذه وإرسائها لصالح الشعب اللبنانيّ".

وتحدّث عن الإدارة العامة وما تبذله مؤسَّسات الجامعة في خدمتها معتبرًا أن "حين نتكلّم عن العدالة، دعونا نقول كلمة عن الإدارة العامّة التي تحدّثنا عنها كثيرًا من قبل من على هذا المنبر. إنّها تتطلّب منّا أيضًا القيام بالكثير من أعمال الترميم في ضوء حالة الانهيار التي وصلت إليها، حيث هدّدها الوباء بالموت. وفي هذا السياق، أودّ أن أحيّي جميع مبادرات التوعية التي قام بها مرصد الوظيفة العامّة والحكم الرشيد الذي يهدف إلى الإسهام في هذا الإنعاش المُرتجى والمرغوب من إدارة الدولة اللبنانيّة. هناك إجراء مباشر آخر بقيادة مجموعة IMPACT USJ  (منصّة البلديّات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة) بالتعاون مع منسّق الأمم المتّحدة في بيروت، ومدير البنك الدوليّ، والسفارة البريطانيّة، وهيئة التفتيش المركزيّة، ووزيرَي الشؤون الإجتماعيّة والصحّة"، إذ من بين "الأهداف المهمة لهذه المبادرات "تعريف طلّابنا الشباب بكيفيّة الاندماج في القطاع العامّ. أودّ أن تكون مساهمتنا في بناء هذا العمل الرائع المتمثّل في إعادة بناء الإدارة العامّة منهجيّة ومصمَّمة أخلاقيًّا لأنّ عمل الإدارة فيه جانب تكريسيّ كهنوتيّ تمّ الالتزام به في وقت من الأوقات وسيتوجّب اليوم استعادته وتعزيزه مع أشخاص كرّسوا حياتهم في إدارة أزمات القرن العشرين". 

ولم يغفل دكّاش عن أزمة القطاع الصحّيّ وما يبذله لخدمة المجتمع لا سيّما مستشفى أوتيل ديو الجامعي وقال: "بقي أن نقول كلمة عن مَعلَم سيُعاد بناؤه، وهو مبنى النظام الصحّي اللبنانيّ الذي يعمل بصعوبة، بالنظر إلى "الدولرة" في جزء من العلاجات الطبّية، وبسبب إفلاس وكالات التأمين العامّة، تاركةً مئات الآلاف من الأشخاص من دون تغطية إجتماعيّة. في هذا السياق، يحتفل مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" الجامعيّ بمرور مائة عام على تأسيسه خلال عام سيستغرق 13 شهرًا فيبدأ في 2 أيّار (مايو) 2022، وهو تاريخ وضع أوّل حجر أساس من قِبَل الجنرال الفرنسيّ غورو Gouraud وينتهي في 27 أيّار (مايو) 2023، تاريخ افتتاحه من قِبَل الجنرال ويغان Weygand. لقد تمّ بالفعل وضع برامج العديد من الأحداث الاجتماعيّة، والأكاديميّة والطبيّة العلميّة. لا يساورنا شكّ في أنّ مختلف الفِرَق الإداريّة، والتمريضيّة والطبيّة التابعة للمستشفى والتي تستقبل حوالى 20 في المائة من المرضى اللبنانيّين وغير اللبنانيّين، ستعرف كيفيّة المشاركة في أعمال إعادة بناء هذا المجال الحيويّ الذي كان يُدعى سابقًا مستشفى الشرق الأدنى".

وتحدّث دكّاش في خطابه إلى الشباب، داعيًا إياهم إلى رفض كل ما يعيق حريتهم ويمتهن كرامتهم،  وداعيًا إياهم للمشاركة في الانتخابات، فقال: " إنّني أحثّ شبابنا على الانخراط في الحياة العامّة، ليس كمجموعات منغلقة على هويّتها أو طائفتها، ولكن كمواطنين أفراد يتشاركون قناعات مشتركة مع الآخرين. لا تقبلوا أن يفكّر أحد مكانكم. ارفضوا أي منطق توتاليتاريّ. ارفضوا، باسم كرامتكم، أي استحواذ قاتل لحريّتكم. لكن، قبل كلّ شيء، احذروا من أي إيديولوجيّة لا تقوم على أساس إنسانيّ، فهي تفتح الباب أمام المحسوبيّة الزبائنيّة والتبعيّة. إنّها عدوّة الحريّة الإنسانيّة، ولهذا فهي قادرة على جعل أي مجال ينحرف عن مساره. لقد إهتمّت جامعة القدّيس يوسف بشكلٍ خاصّ، بفضل كليّة الحقوق، بنشر العدد الخاصّ 93 من مجلّة Travaux et Jours حول قانون الانتخابات المعنيّ بعيوبه ونواقصه لنقول إنّنا مدركون لحدوده. إلاّ أنّ هذا الأمر لا يمنعنا من التمتّع بحقّ التصويت وفقًا لوعينا الوطنيّ الذي يرغب في وجود بلدنا كما أردناه في العام 1920. التصويت هو جزء لا يتجزّأ من واجبات المواطن لدرجة أنّ بعض البلدان، مثل بلجيكا وأستراليا، تفرض غرامة على أولئك الذين لا يشاركون في الاقتراع العامّ. في هذا الإطار، كيف لا نقدّر الدور الاقتصاديّ الذي يؤدّيه الشتات اللبنانيّ من أجل مساعدة لبنان الجغرافيّ. إنّه دور إقتصاديّ يسعى أيضًا إلى الارتقاء بلبنان إلى مرتبة الدول الحديثة والديمقراطيّة التي تضمن رفاه شعوبها وتحفظ كرامتها من الذلّ!".

وكشف انه "من أجل ترسيخ مكانتنا بشكلٍ أفضل كجامعة في لبنان ومن أجل لبنان، ومنحها الوسائل للمقاومة ومواصلة مهمّتها، أنشأت جامعة القدّيس يوسف أخيرًا مجلسًا أعلى، أو باللغة الأميركيّة الشائعة مجلس أمناء مزوَّد بسلطة تداوليّة، كونها جزءًا لا يتجزّأ من الجامعة وحوكمتها، بحيث تتولّى دور الدعم والمرافقة والتدقيق واتّخاذ القرار في بعض المجالات، وخاصّةً في المجالات الأخلاقيّة، والإداريّة، والماليّة، والاقتصاديّة".

وأكّد رئيس الجامعة على أهمية التربية الإغناطية المستوحاة من رؤية مسيحيّة للعالم والإنسان ، فهذه التربية  "تُخفي ديناميكيّة تطوّر دائم. تظهر قيمتها التكيفيّة اليوم بوضوح مع الثورة التكنولوجيّة التي نشهدها"، مشيرًا إلى أن "جامعة القدّيس يوسف اختارت بحزم مسار التقدّم التكنولوجيّ من خلال البرامج الرقميّة الجديدة على الرغم من الدمار الذي لحق ببلدنا. تنطوي كلّ تكنولوجيا على مخاطر الانزلاق" معتبرًا أنه "سيكون على الأجيال الشابّة أن تبقى يقظة سياسيًّا في مواجهة أي انجراف يهدّد الحريّات".

وختم بالقول: " في هذا العام 2022، العام الـ147 لوجود جامعة القدّيس يوسف، قبل ثلاث سنوات من الاحتفال بالذكرى الـ150، نرى جامعة القدّيس يوسف قوّة أكاديميّة واجتماعيّة مندفعة نحو المستقبل من أجل المساهمة في إعادة إعمار بلدنا، ورجاء بأنّ لبنان هذا مدعوّ أكثر من البلدان الأخرى لأن يعيش ويترجم إلى أفعال قيم التعايش، والحريّة المسؤولة، والديمقراطيّة، واحترام الدولة وقوانينها، والعدالة للجميع، والإيمان بالله وبقدراتنا الإبداعيّة".

 

ألبوم الصور