سمفونية الفرح

فرح فواز
Mardi 31 mai 2022
Organisateurs

أقولها، أكتبها، والنواهل تقطر من مقلتيً، والسبب؟ "رسالة"

رسائل، لا نكتب الكثير منها في هذه الأيام. حبّذا لو تأتي ثورة التكنولوجيا بحُلّةٍ ورقيّةٍ فتضفي على عصرنا النهضة والتطور هذا، شيئًا حَسبناه متواريًا أو مفقودًا. شيء من حبر التمني، مقتطفات من وداعٍ، ليس هو فانٍ، شوقٌ للقاء. ولكنني أراهن أنّ هنالك رسالة لا تمحوها ذاكرة، رسالة أبدًا قابعة، لا تُنسى ولا تُستبدّل.

إنّ رسالة "سمفونية الفرح" كقارورة عطرٍ خالدة، كُتبت لي ولا يزال يقشعرّ بدني حنينًا وفخرًا في كلّ مرّة أقرأها.

من كاتِب الرسالة؟ ماذا تحمل في طيّاتها من مشاعر جيّاشة؟ وإلامَ ترنو؟

كان لي معصمٌ حديديّ أحتذي به، معلّمًا، كاتبًا وشاعرًا، وقد أذلّ الموتُ مصرعه، ذاك الذي كانت على رأسه الرايات تخفق. جدّي رحَل. لطالما تناهى إلى مسمعنا منذ صغرنا أنّ الميّت سافر بعيدًا ولن يعود، لكنه حيًا يُرزق في قلوبنا.

كنتُ المفضّلة لديه، لعلّ السبب يعود إلى تقارب أفكارنا التي نحيكها على أوراق أكتبها ليقرأها، وعلى حكايات يقصّها عليّ فأتغذّى وأرتوي من سُؤل معارفه. مذ كنت في السابعة من عمري وأراه يُسارع الوقت ليُقِلّني إلى مكتبته بعد المدرسة فأبقى لساعات طوال في حضنه نقرأ ونُدردِش حتّى بلغني من العلم المُبكر ما دفعني إلى التعلّق به وبكتاباته.

علّمتني الكثير الكثير، إلّا العيش من دونك

ها أنا أرتاد الجامعة وأعيش في نُزُل في ال"سوديكو". بات الشوق إلى لقائك يتصاعد والحنين جارف لأعود إلى البيت، تحديدًا إلى المكتبة التي تعبق منها رائحة كتبك. شهران كاملان لم أرّك فيهما لضغط الامتحانات، وسرعان ما أنهيْتُ منها حتى تلقّيت خبرًا اغورقت عيناي لسماعه، واقعٌ مرٌّ مذاقته كطعم العلقم وجدتُني أعيشه. فَناهيكم عن أنّ الموت حق وكلّ نفسٍ ذائقته، لكنّ رحيله كان بغتة، صاعقة، ولم يكن في الحسبان. لم أودّعك، لم تتسنّى لي الفرصة لأحضنك، وأعبّر عن مديد امتناني لك، إلى أن...

أراك عِصيّ الحلم شيمَتكَ إيقاظي

اليوم يُصادف عام على ذكرى وفاتك: 02-02-2022 جئتني فيه حلمًا من شدّة روعته بصرتُه سبع مرّات. الحلم نفسه يُعاد، أستسيغه لشوقي العارم لك، لم أتنبّه لرسالتك الضمنيّة، ولعلّي نسجتها في خيالي لأراك فينثلج صدري...  

صوتك ينده لي: مكتبتي لكِ

بما أنني أشبهك في المنطق والحسّ، أيقنْتُ أنّك ستوصيني بالسير على خطاك في القراءة والكتابة. لذا، رحتُ ذات يوم إلى المكتبة من السابعة صباحًا أفتّش عن كنز مخبّىء، إذ حدْسنا لا يُخطىء، فلا بدّ من سطر أو مقولة منك في كتاب سأرتاح لها فأبدأ من هذه النقطة.

وقع ظرفٌ بتاريخ 02-02-2020 مكتوب عليه "إهداء إلى حفيدتي فرح".

"إذا ما أصبح الظرف بمتناول يديك، فهذا لأنني لم أعد بالديار. داري تركتها لك، أكمليها".

فتحْتُ الظرف وأكاد لا أصدّق، أخيرًا وصيّة أو كلام قبل الرحيل، بعد الفراق، لا يهم! المهم أنني وجدتها! رأيْت بقلم شمع ليلَكيّ انمزج مع دمعة نزلت مني خلسة عنوان:

"أنتِ سمفونيّة الفرح".

فما قصّة هذه الرسالة؟ هل تودّون أن تعرفوا القصّة كاملة؟ يُرجى إخباري في التعليقات

   فرح فواز