لا للإجحاف وعدم المسؤولية والتفلّت من مراعاة الدستور والقوانين

بيان صادر عن رابطة جامعات لبنان والنقابات المهنية
السبت 28 كانون الثاني 2023

أعلنت "رابطة جامعات لبنان" وفي مؤتمر صحافي مشترك مع النقابات المهنية عقدته في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU  عن تقديم طعن امام مجلس شورى الدولة تحت عنوان "مراجعة إبطال لتجاوز حدّ السلطة (مع طلب وقف تنفيذ)" ضد قرارات وزير المالية المستقيل في حكومة تصريف الأعمال بخصوص فرض ضرائب على الرواتب التي يتقاضاها الأساتذة والموظفين في الجامعات بالدولار الأميركي. ورأت "الرابطة" أن هذه القرارات غير مدروسة وتفتقد إلى المشروعية، وتتسبب بهجرة نخبة الأساتذة والموظفين. واعلنت عزمها على مواجهة هذا القرار مؤكدة ثقتها بمجلس شورى الدولة وقراراته، وشددت الرابطة على أن الجامعات ستستمر في مسيرتها الأكاديمية ورعاية مؤسّساتها الصحية الاستشفائية وفي خدمة المواطنين والطلاّب رغم كل الصعوبات.

وحضر المؤتمر رئيس الرابطة البروفسور الاب سليم دكّاش اليسوعيّ رئيس جامعة القدّيس يوسف، رئيس جامعة LAU الدكتور ميشال معوض، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، رئيس جامعة البلمند البروفسور الياس وراق، رئيس الجامعة العربية الدكتور عمرو جلال العداوي، رئيسة جامعة الحكمة البروفسور لارا كرم بستاني، رئيس جامعة سيدة اللويزة الدكتور الأب بشارة الخوري، رئيس الجامعة الأنطونية الدكتور الأب ميشال جلخ. رئيس نقابة المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون، رئيس نقابة الأطباء الدكتور يوسف بخاش، رئيس نقابة أطباء الأسنان الدكتور رولان يونس، رئيسة نقابة التمريض الدكتورة ريما ساسين، رئيسة نقابة المختبرات الدكتورة ميرنا جرمانوس، نائب رئيس نقابة المعالجين الفيزيائيين شارل مرقص.  وتلا دكاش البيان الآتي باسم المجتمعين:

ليست المرة الاولى التي يمرّ فيها لبنان في أزمات متعددة الأوجه، لكنها المرة الأولى التي تهدّد فيها الأزمات مقومات لبنان وركائزه الأساسية وقطاعاته التي قامت عليها مكانته الإقليمية والعالمية، نعني بذلك قطاعات التربية والتعليم العالي والصحة والتي شكلت وتشكل ثروة لبنان ورأس مال شعبه وأجياله.

كان التعليم العالي او قطاع الجامعات، المدماك الرئيس في نهضة لبنان على مدى التاريخ الحديث، ما حول بلادنا إلى "مُنتج" او "مُصنع" للقدرات البشرية المتقدمة، ما تجلى في عشرات الالاف من الخريجين والخريجات من مختلف الجامعات العاملة في لبنان منذ اواخر القرن التاسع عشر وحتى أيامنا، ساهموا جميعًا ولا زالوا وبطرق عدة في نهضة الشرق والعالم العربي ولبنان والعالم والأمثلة كثيرة.

ثروة لبنان هذه، أي الجامعات مهددة اليوم في صميم وجودها وكيانها واستمراريتها فالأزمة الوطنية المستفحلة على المستويات السياسية – الاقتصادية – الاجتماعية تركت ندوبًا عميقة في قطاع التعليم الجامعي في لبنان. والجامعات تعاني من أزمة خانقة سواء في نفقاتها ام في مداخيلها، بحيث اصبحت عاجزة عن تغطية نفقاتها.

إن قطاع التعليم الجامعي يعاني من هجرة غير مسبوقة للأدمغة بين صفوف الأساتذة الجامعيين والاطباء، اضافة إلى الموظفين الاكفاء، وتجاوزت نسب المهاجرين في بعض الأحيان 25 في المئة من إجمالي الاختصاصيين المهرة دون ان يتوفر البديل عنهم. كما ادت الازمة الاقتصادية إلى عرقلة برامج الكثير من جامعاتنا في سعيها الدائم والطبيعي إلى تطوير برامجها الأكاديمية في موازاة التطور العلمي على مستوى منطقة الشرق الاوسط والعالم وقد عمدت جامعات عدة إلى وقف مشاريع التطوير.

لم تستكن جامعاتنا امام التحديات وبادرت إلى التصدي لهذا الوضع الصعب بكل امكاناتها ايمانا منها بأن لا نهوض للبنان الحضارة والثقافة والانسان والوطن من دون استمرار القطاع الجامعي ونهضته. لكن وفي الوقت الذي كنا ننتظر دعمًا ومساندة من الدولة اللبنانية اذ بنا نتفاجأ بفرض الضرائب العشوائية علينا من حكومة تصريف الأعمال ووزارة المالية تحديدًا في موازنة 2022 دون اي حسيب او رقيب، ودون الاخذ في الاعتبار حجم الاعباء والخسائر الضخمة التي نرزح تحتها.

 لذا قررنا كجامعات لبنان تقديم مراجعة امام مجلس شورى الدولة تحت عنوان "مراجعة إبطال لتجاوز حدّ السلطة (مع طلب وقف تنفيذ)" ضد الدولة اللبنانية - وزارة المالية وقراراتها رقم 686/2022، القرار رقم 2/2023 والقرار رقم 3/2023   

اننا نتطلع إلى مجلس شورى الدولة لوقف تنفيذ قرارات وزير المالية المستقيل اولًا وإبطالها ثانيةً لعلّات قانونية عديدة تطرقنا إليها في معرض المراجعة المقدمة.

ان جامعاتنا مهددة بالأقفال واساتذتنا وموظفونا مهددين بالتشرد والهجرة وطلابنا مهددين بخسارة مستقبلهم واستطرادًا ان لبنان مهدد بكيانه وبتدمير مستقبل اجياله الطالعة، وتحويلنا إلى مجتمع رجعي متخلف لا يواكب العلوم والحداثة والحضارة الانسانية بسبب اللامبالاة في القرارات الحكومية، وهذا الطعن الذي نعلن عنه اليوم هو صرخة استغاثة قبل فوات الاوان وانهيار هيكل العلم والتربية الذي لا قيامة للأوطان من دونه.

ان ما اصاب ويصيب مؤسسات التعليم العالي اساتذةً وطلابًا، ان ما اصاب ويصيب جميع العاملين في نقابات لبنان من مهن حرة وعمال واطباء وممرضين وجلهم من متخرجي جامعاتنا، فنكون معهم متضامنين ونؤلف عصبًا وقوة واحدة من اجل خير البلاد، مشددين جميعًا على ان طريق الخلاص واسترداد الدولة لماهيتها ودورها هو طريق الاصلاح الحقيقي لمرافق الدولة وتحريرها من الهدر والفساد على جميع المستويات.

ليست هذه الصرخة الاولى لرابطة الجامعات فمنذ ايام ناشدنا المسؤولين لانتخاب رئيس للبلاد واليوم نُعلن لجوءنا إلى القضاء ونؤكّد بأن جامعات لبنان لن تقف بعد اليوم مكتوفة الأيدي هي من ائتمنت على شابات وشباب الوطن. جامعاتنا بالمرصاد لأنها تؤمن بلبنان الذي بَنَت، لأنها تؤمن بلبنان الرسالة.

في الصحف