برودواي بقيادة ياسمينة صباح عرض يرقى إلى العالمية

الاثنين 22 أيار 2023
Organisateurs


تحت هذا العنوان كتب الصحافي جورج بوعبدو في الصفحة الثقافية لجريدة نداء الوطن اللبنانية الصادرة في 22 أيّار 2023 مقيّمًا حفلتي جوقة جامعة القدّيس يوسف بقيادة ياسمينة صباح في كازينو لبنان .وهنا نص المقالة:

لم يكن مستغربًا على من قصد كازينو لبنان ليلتي السبت والاحد أنه سيمضي برهة ممتعة من الوقت بعيدًا عن رتابة الحياة اليومية وينتقل الى رحاب أكثر جمالًا على وقع الموسيقى والجماليات البصرية.
الإعلان عن الأمسية كان كفيلًا بتألّق مضمون. أمسية تحييها جوقة القدّيس يوسف المؤلفة من 63 مؤديًا، وأوركسترا Jeunesses Musicales Du Liban بقيادة ياسمينا صباح. ومن تابع قائدة الاوركسترا صباح في مسيرتها التصاعدية من نجاح الى آخر- من إطلالاتها بكنيسة القدّيس يوسف في مونو بأمسيات كلاسيكية آخرها حفلة الـ African Sanctusالتي سحرت الحضور ببراعة المزج بين الايقاع الافريقي واللحن العربي، والنقل المبتكر لأصوات أفريقيا والطبيعة بالآلات الموسيقية وجوقة القدّيس يوسف المعروفة باسم Choeur de L'USJ- لا ينتظر اقل من هذا المستوى الراقي. وتحمل صباح شهادة "ماستر" في الموسيقى من جامعة كامبريدج وعيّنت في 2021 قائدة اوركسترا "الفردوس" المشكّلة خصيصًا من عناصر نسائية برعاية الفائز بالاوسكار  A.R. Rahmanلافتتاح اكسبو دبي 2020 بمشاركة نجوم عالميين أمثال اندريا بوتشيللي وكريستينا أغيليرا. وصباح أيضًا مديرة معهد الموسيقى في جامعة القدّيس يوسف في بيروت وتتولى قيادة جوقتها منذ العام 2015.
كان لا بد إذًا من أن تكون ليلة استثنائية، فصباح لا تقبل بما دون ذلك في إطلالاتها، وهو ما يفسّر اساسًا لجوء السفارة الاميركية في بيروت إلى خبراتها للمشاركة في جوقتها وكقائدة اوركسترا في حفلةٍ موسيقية تستقدم فيها الى بيروت فرقة Black Alley الأميركية لعرضٍ موسيقيّ على مسرح بيار أبو خاطر في الثامن والعشرين من الشهر الحالي.
الصالة متخمة بحضورٍ أتى بعضه من بلدان الاغتراب خصيصًا لحضور عملها الجديد بعدما اشترى بطاقته الكترونيًا، احيانًا بدفعٍ من المعارف أو الابناء الذين لمسوا ابداع صباح بأمسياتٍ سابقة وأرادوا إكرام اهلهم بالمثيل. وبعد عرض "شيكاغو" لأسبوعين متتالين على المسرح نفسه، كانت الامسية هذه المرّة أيضًا بنكهةٍ أميركية فهي أمسية أضواء "برودواي"، وتحديدًا تلك التي تحتفي بأغنيات أفلام ديزني الشهيرة.

العناصر كلّها موجودة لضمان أمسية مثالية بكامل المواصفات، من جوقةٍ متمكّنة برهنت لأكثر من مرة وفي أكثر من أمسية حتى الآن بأنها جديرة بالمقارنة بجوقاتٍ عالمية، وأوركسترا JML التي تضمّ أسماء باتت معروفة على ساحة الاداء الكلاسيكي كماريو راعي (زوج ياسمينا صباح) وكميل موقا وسوزانا بلاسانيان ومروى عيد وايفا حدشيتي ومنى سمعان ودانا دبوس ورمزي قندلفت على الكمان، وانيتا نيكليبورك ورانيا كلاب على الفيولا، وانجيلا هونانيان وفيرونيك وهبة على التشيلو، وكيفورك كيشيشيان على الفلوت، وايلي نجيم على الترومبيت، وتوم هورنيغ على الساكسوفون، ومحمد كرم على الكلارينيت، وجوليو عيد على الالكتريك باس، وجيو ناجاريان على الدرامز، وسكارليت سعد على الكيبورد، ومارك أبو نعوم على البيانو.
أما وسيلة النقل من محطةٍ الى أخرى في الأمسية نحو رحاب أفلام ديزني، فقطارٌ بخاري تسمع صوته منذ دخولك الى الصالة وفي الفترة السابقة للعرض ويرافقك بصفيره وأبوابه التي تفتح على شاشة عملاقة وضعت خلف الجوقة والفرقة الموسيقية والتي تستعرض بعد الاعلان عن اسم كل فيلم مشاهد حية منه تنشط ذاكرة الحضور الى فتراتٍ دغدغدت فيها ديزني طفولته فكان تفاعله شديدًا مع الاغاني وتجسد بمشاركته الجوقة في أداء الاغاني التي حفظها عن ظهر قلب. وهكذا مضى الحضور- على وقع صفير القطار والمشاهد الحية وغناء الجوقة - من فيلم الى آخر، من Lion King الى Aladdin، الى The Little Mermaid، مرورًا بـ Les Misérables وCandide وMary Poppins وصولًا الى Sister Act واختتامًا بـThe Greatest Sowman وHairspray. واكتملت عناصر النجاح المنقطع النظير بصوتي كلّ من منال ملاّط الفنانة اللبنانية الفرنسية التي وصلت الى نهائيات Arabs Got Talent، وتألق نجمها في "مجنون ليلى" وأفلام عدة على غرار "تلّتت" وكريستيان أبوأني الذي يتشارك معها تأسيس شركة Cats Production  والذي حصّل تدريبه الكلاسيكي وتعليمه الموسيقي في أكاديمية نيويورك للجاز.
ولا يمكننا الكلام عن الامسية من دون ذكر جمال الاضاءة التي تولاها كل من أسمر صليبا وطوني صافي وأحمد مراد، وهندسة الصوت التي تألقت بجهود جان جبران وطوني خوري.
باختصار شديد وبلا إطالة في الكلام يمكننا أن نهنئ رئيس جامعة القدّيس يوسف الأب سليم دكاش بقائدة الاوركسترا المتميزة وجوقة بهذه المواصفات العالمية وأن نهنئ أنفسنا كلبنانيين بهذا المستوى من الاعمال الراقية التي لا شكّ في أنها سترفع رأسنا عاليًا، فيما لو سنحت لها فرصة العرض في الخارج، وهو ما تستحقه بالطبع. حلمٌ نتمنى أن يتحقّق يومًا ما كي لا نشذّ عن أحلام ديزني وأمانيها الجميلة التي صنعت بعضًا ممّا هو جميل بداخلنا.