منير أبو دبس بكى بيروته قبل حريق المرفأ: أرشيفه - الكنز في جامعة القديس يوسف

الثلاثاء 30 أيّار 2023
Campus de l'innovation et du sport

 

كتب الصحافية روزيت فاضل مقالة  في جريدة النهار اللبنانية الصادرة في 30 أيار 2023  عن تسليم محفوظات المسرحيّ اللبنانيّ منير أبو دبس لجامعة القدّيس يوسف في بيروت، ولمكتبتها الشرقية في احتفال ضمّ العائلة وعدد من الأصدقاء المقربين، وكتبت:  

 

"سيبكون عليكِ وينوحون/حين يرون دخان حريقك/لأنك انت المدينة/التي لها ملك على النفوس/ سيبكون لأنه لن يُسمع فيك/مزمور في ما بعد/لأنه لن يضاء فيك سراج..."


هذا مقتطف من مسرحية#الطوفان" للمسرحي الراحل الكبير #منير أبو دبس كتبها في العام 1970، وقد قرأته على مسامعنا الأستاذة في معهد العلوم #المسرحية والسمعية - المرئية والسينمائية IESAV في جامعة القديس يوسف الممثلة المسرحية حنان الحاج علي، وبدا فيه أبو دبس مستشرفاً في هذه السطور القدر التراجيدي لحريق مدينة بيروت الغارقة في الكآبة من قدرها الصعب جداً...
كان أمس "يوم الأب الروحي للمسرح الحديث منير أبو دبس" من خلال مبادرة ريادية أطلقتها كل من مؤسسة جامعة القديس يوسف، المكتبة الشرقية ومعهد IESAV بتسليم ورثة أبو دبس، أي ولديه جيل وشانتال، أرشيفه للجامعة ممثلة برئيسها الأب سليم دكاش اليسوعي.

إبنته شانتال سكنها الصمت. ذرفت بخفر دموع شوق لوالدها عند إطلالته في شريط مصور عنه، فيما تماسك ابنه جيل معلناً في كلمته تمسك العائلة بمتابعة هذه المبادرة وتوقه لمأسسة بيت الفريكة ليكون على قدر تطلعات الكبير منير أبو دبس وخطواته الفريدة في عالم المسرح وأسرار روحانياته.

حضر الحفل بعض الأوفياء - وهم قلة في هذا الزمن الرديء- وعلى رأسهم الممثل الكبير رفعت طربيه وبعض تلامذة أبو دبس من الجيل الشاب ومنهم لوسيان أبو رجيلي ومايا سبعلي، مع تسجيل غياب، شكت منه حنان الحاج علي في كلمتها، لأي ممثل عن معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية.

كلمة الأب دكاش أحاطت بأهمية المبادرة، معتبراً في كلام مقتضب لـ"النهار" أن "منير أبو دبس هو علامة فارقة ومميزة ليس فقط لعالم المسرح، بل للثقافة وللهوية اللبنانية...". وعن سبب غياب اي ممثل عن وزارة الثقافة قال: "لا أعرف إذا وُجهت دعوة إليها لحضور حفل التوقيع..."

الفيديو تحوّل بحد ذاته الى بورتريه لمنير أبو دبس وأحلامه وهواجسه وشغفه لتنظيم ورش تدريبيه لطلابه، مع ما رافق ذلك من تأثره بمدارس عبقريّ المسرح كوردون كريك وستانيسلافسكي.

حكى أبو دبس عن معنى حضور الممثل وأهمية الحركة المسرحية وتوقيتها مع علاقة بين تأثيرات الظل والنور وتدرّج كل منهما على الخشبة.

قالها أبو دبس بصراحة إن التمثيل يشبه من خلال خطواته عملية التطريز باستخدام الخيطان، مشيراً بذلك الى دقة تفاصيل العمل المسرحي...

ما هي مجموعة أرشيف أبو دبس؟ مدير المكتبة الشرقية الدكتور جوزف رستم أكد أن الارشيف يتضمّن نحو 260 مخطوطة ووثائق مطبوعة تشمل نصوص مسرحيّات مقتبسة ومترجمة ونصوصا مسرحية وشعريّة ونظريّة من تأليفه، إضافة الى مستندات تنظيمية وإعلانيّة للمدارس والمهرجانات التي أسسها.

وأوضح أن "الأرشيف يحوي أيضاً نحو 1460 صورة فوتوغرافيّة، معظمها من الحقبة الأولى، التقطها المصوّر ديرونيان، توثّق عروض "فرقة المسرح الحديث" وعمل "معهد التمثيل الحديث" ومن ثمّ "مدرسة منير أبو دبس" التي انشأها بعد انفصاله عن مهرجانات بعلبك في شارع كليمنصو، مشيراً الى أن أنه سيضاف الى هذه المجموعة أرشيف المصوّر عامر سالم، الذي واكب الحقبة الأخيرة من مسيرة أبو دبس ومحترفه في الفريكة، والى جانب المستندات الورقيّة والصور، هناك نحو 300 شريط صوتي وكاسيت واقراص مدمجة واشرطة فيديو واقراصDVD تسمح بإعادة اكتشاف أعماله ومخزونه السمعي - المرئي والمقابلات التي اجريت معه.

وعرضت الأستاذة المحاضرة في العلوم المسرحية في المعهد البروفسورة ماريان نجيم "لأهمية دور الـIESAV في هذه المبادرة، التي تأتي استكمالاً لمشروع بحثي كانت قد باشرت به الباحثة والفنانة والاستاذة في المعهد حنان الحاج علي، التي عملت على جمع وتحليل أرشيف فرقة مسرح الحكواتي وارشيف مسرح بيروت، وهي تستعدّ لنشرهما من خلال منصّة رقميّة متاحة للجميع تُدعى Dramatek وتهدف الى توثيق التجارب المسرحيّة في لبنان وأرشفتها".

أما الحاج علي، فنوّهت في حديثها الى "النهار" بأهمية الفيديو المعروض اليوم عن الكبير منير أبو دبس، وهو "جزء من مشروع 50 سنة و50 يوماً، الذي أطلقه المخرج روجيه عساف وجمعية "شمس" في مسرح دوار الشمس في محاولة لأرشفة ذاكرة كبار المسرحيين من جهة، وبجهود بذلها شباب المسرح ليشكلوا همزة وصل مع الذاكرة العميقة لمنير أبو دبس من جهة أخرى..."

قبل مغادرتنا،أكد الممثل الكبير رفعت طربيه لـ"النهار" أن "أرشيف منير أبو دبس يضم نصوصاً نادرة شغلت كبار الكتّاب والصحافيين والممثلين أمثال أدونيس، أنسي الحاج، يوسف الخال، أنطوان كرباج، لور غريّب وسواهم"، معتبراً أن "نصوصه الشكسبيرية أهم بكثير من ترجمتها الفرنسية"...

وبكثير من الفخر، أكد طربيه أنه "من رعيل الكبار، الذين تتلمذوا على يد منير أبو دبس، وهذا مسار سلكه أيضاً مسرحيون كبار أمثال ريمون جبارة، أنطوان كرباج، ميراي معلوف، رضا خوري، ونبيه أبو الحسن وسواهم"، مثنياً على أنه "أعطانا تقنيات التمثيل والرابط بين حركة الممثل والمسافة بين مشهد وآخر في العمل المسرحي ودور الصوت والحركة في أداء الممثل..."