أول ميدالية باسم رياض الصلح لدكّاش من الوليد للإنسانية

تشرين الثاني 2023

تتويجًا للتعاون المشترك على مدى عشرين عامًا بين مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية وجامعة القدّيس يوسف في بيروت ومستشفى أوتيل ديو دو فرانس على الصعيدين الاستشفائي والأكاديمي، ولمناسبة الذكرى الثمانين للاستقلال وتخليدًا لذكرى والدها الذي تابع دراسته في كليّة الحقوق للجامعة اليسوعية، منحت الوزيرة ليلى الصلح حماده أول ميدالية تحمل اسم الرئيس رياض الصلح إلى البروفسور سليم دكاش اليسوعيّ رئيس جامعة القدّيس يوسف ورئيس مجلس إدارة مستشفى أوتيل ديو.
كانت كلمة للوزيرة الصلح قالت فيها: "أُعطينا يومًا ملكًا لم نحسن سياسته، وطنا عُلق رجاله على الأعواد أول شهداء الفكر، يعيش اليوم على الإحسان ويحكمه السلاح، نستذكره اليوم لا لأن موت الأمس يستمطر الرحمة، لا لأن حياة اليوم تحنّ إلى  الذكرى، بل لأن طيْف رياض الصلح لا يزال يحوم في أرجاء هذا الصرح هو الذي تابع علومه في كليّة الحقوق وأخذ الكثير من فكر اليسوعيين في تفهّم الفكرة اللبنانية اذ خالط أحرارها وتُبنى مطالبها في ما بعد، وحكم بإيمانه وليس بدينه، فتح على الخارج بقامته وليس بإنحناءة رأسه، هذا ما صنعه رياض الصلح المسلم على الهوّيّة واللبناني في الوطنية فطمأن المسيحي وحكم بين الطوائف.
لذا جئنا اليوم مكرِمين لا مكرَمين، مانحين وليس ممنوحين، جئنا نكرم صرحًا ونهجًا ورئيسًا صديقًا عزيزًا ألا وهو الأب سليم دكّاش ونمنحه أول ميدالية تحمل اسم رياض الصلح، الأولى منذ قيام المؤسّسة التي تحتفل بعيدها العشرين.
في عهده شهدت الجامعة تطورًا لافتًا وانفتاحًا محصنًا ونهجًا مواكبًا وفي عهده شهد الصرح الطبّي شراكات متعدّدة وتطوّرًا في التحديث والتوسع ومواجهة شرسة لظاهرة إفراغ المؤسّسات الاستشفائية من كوادرها الطبّية.. وتمسّكًا بالروح الإنسانية المعهودة لهذا الصرح على أثر انفجار الرابع من آب.
أما في الجامعة فأنت الخير النافع للجيل الناشئ هذا المصطلح استعمله رياض الصلح لتحديد العلاقة التربوية مع الفرنسيين عندما أصرّ على وجودهم التعليميّ على أرض الوطن حتى بعد الجلاء ليكون اللبناني علامة فارقة بين إخوانه العرب كونه ارتاد مدرسة العلمانية والمساواة وبالذات نشأ على الحرية.
وتحدّث البروفسور سليم دكّاش فقال: "إنّه لشرف كبير أن تكون أنظاركم، صاحبة المعالي، قد حطّت على جامعة القدّيس يوسف في بيروت ومستشفى أوتيل ديو لتميّيز رئيسها ومنحه ميداليّة والدكم دولة الرئيس رياض الصلح، باني الاستقلال اللبناني مع رفيقه رئيس الجمهوريّة آنذاك بشارة الخوري وهو سقط شهيدًا للوطن على يدّ الغدر في السنة 1951، ولا تزال ذكراه ماثلة في التاريخ اللبناني الحديث. ومعروف أنّ رياض الصلح بعد دراسته القصيرة في الكليّة العثمانيّة الإسلاميّة ثمّ في مدرسة مار يوسف في عينطوره، بدأ حياته الجامعيّة ها هنا في كليّة الحقوق في جامعة القدّيس يوسف محصّلاً المزيد من الحقوق واللغة والآداب الفرنسيّة وقبل انتقاله إلى باريس لإكمال دراساته في القانون والعلوم السياسيّة.
"عاملوا الناس بحسب ظروفهم"، هذا ما كان يردّده دولة الرئيس رياض الصلح أمام المسؤولين في الحكومة اللبنانيّة وإدارات البلاد. كثيرون ممّن كتبوا فيه وفي جهاده السياسي (هكذا كان يوصف النضال السياسي في تلك الأيّام) قالوا إن رياض الصلح المحامي كان مقصودًا لا فقط في أيّام حكمه ولا في غيرها بل في كلّ يوم من أيّام الوطن. فهو لم يحتجب عن الناس وعن مشاكلهم وصعوبات حياتهم بحيث وُصف بالقلب الكبير الذي كان يستدين ليعطي!.
ورياض الصلح كان من طينة السياسيين المنفتحين على مختلف أبناء الوطن حيث كان النصارى لا يتردّدون في الانتساب إليه وإلى خياراته السياسيّة في زمن كان فيه الوطن وبناء الوطن هو الهمّ الأوّل قبل هيجان الانتماء الطائفي والمذهبي، فكان بحقّ إلى جانب تلك المجموعة من الرجالات السياسيّة رجال الدولة وعلى رأسها بشاره الخوري مولعًا بالمواطنين قبل المصفّقين وآكلة الجبنة.
ونحيي في الرئيس الصلح تلك المبادرة المستمرّة في إعلان تحمّله المسؤوليّة بكل اعتزاز وقوّة لأنّ إعلان المسؤوليّة هو من تبعات رجل الدولة الذي يريد أن يبني الدولة حتى ولو كانت بعض القرارات المأخوذة ليست حكما موافقا عليها بالتمام. الوفاق لم يكن ثمرة محاصصة على جسد الدولة، بل كان وفاقًا سياسيًّا على مبادئ وطنيّة جامعة من أجل تقوية أواصر الوطن والدولة .
وكلّنا نذكر أنّه في بيان حكومته الأولى، اقترح الرئيس الصلح "إلغاء الطائفيّة" التي ورثها لبنان منذ تكوّنه، وهو في هذه المحاولة يبدو وكأنّه ضمير لبنان الذي تأجّج ثورة في السابع عشر من أكتوبر 2019، مطالبًا بتجاوز الطائفيّة وقد بلغت حدًّا لا يطاق من تشويه صورة لبنان، والانتقال إلى المواطنيّة التي هي الرقيب الصحيح على الفساد والمفسدين".
ومنح البروفسور دكّاش الوزيرة الصلح الميدالية المئوية لجامعة القدّيس يوسف في بيروت.