مهى نصر الله: تستحضر حكاية إرث والدتها والشراكة مع المكتبة الشرقيّة

11 أيلول 2025

حاورتها ندى عيد

منذ اللحظة الأولى التي التقت فيها عائلة الروائيّة اللبنانيّة إملي نصرالله بالمكتبة الشرقية في جامعة القديس يوسف العام 2015، وحتى تسليم الجزء الثاني من الأرشيف في تموز 2025، تواصلت رحلة وفاء وذاكرة جمعت أفراد العائلة مع الجامعة ومحبّي أدب إملي. لقد تحوّل هذا الأرشيف الأدبي والإنساني إلى مساحة حوار حيّة بين الماضي والحاضر، ومصدر إلهام لأجيال متعاقبة من القرّاء والباحثين. في هذه المقابلة، نستعيد مع مها رئيسة جمعية طيور أيلول وابنة إملي، التي رافقت رسوماتها إصدارات والدتها، تفاصيل حول هذا الإرث ودور المكتبة الشرقيّة، ونقترب من شعورها وهي تحافظ على إرث والدتها، كأنها تستحضر حضورها الدائم في وجه غيابها المادي.

 

كونك ابنة الروائية الراحلة إملي نصرالله، لكن أيضًا فنانة شاركت في رسم أغلفة كتبها، كيف تصفين هذه "الشراكة الصامتة" التي جمعتك بإملي؟ وهل ساعدك هذا الدور على الاقتراب من جوهر كتاباتها بطريقة مختلفة؟

كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما طلبت مني أمّي أن أضع الرسوم الداخليّة لكتابها الجديد للناشئة "الباهرة". أعتقد أن هذه كانت طريقتها في إشراكي في عالمها وإظهار التقدير والتشجيع لعملي. كنت في الرابعة عشرة من عمري فقط وعكست رسوماتي هذا العمر الصغير، ومع ذلك فقد مضت إملي قُدُمًا ونشرت رسوماتي مع قصّتها. كانت هذه بداية تعاون مع والدتي امتد مدى الحياة. ومن هناك فصاعدًا، قرأت كلّ كتاب من كتبها وقصصها القصيرة قبل نشرها، وقمتُ بوضع رسوم جميع أغلفة كتبها، ووضعت الرسوم الداخليّة لكتبها الموجّهة للأطفال والقصص القصيرة بشكل حصري تقريبًا.

 

  • خلال تقديم أرشيف إملي نصرالله للمكتبة الشرقيّة في شهر تموز 2025، شارك أحفاد إملي بقراءات مؤثّرة من رسائل إملي. هل هناك نية لإشراك الجيل الجديد في مشاريع مستقبليّة؟ أم أن المسؤولية انتقلت بالكامل إلى المكتبة الشرقيّة؟

كان أحفاد إملي مقرّبين جدًا منها. ابنتي نور هي اليوم نائبة رئيس جمعية "بيت طيور أيلول" وهي مصممة الجرافيك لصفحتها على إنستغرام.

 ستتشارك عائلة إملي مسؤولية إرثها مع جامعة القدّيس يوسف في بيروت ومركز موييز خيرالله لدراسات الانتشار اللبناني من الآن فصاعدًا. ولكن في الواقع، يعيش جميع أحفادها خارج لبنان ومنشغلون بحياتهم الخاصة. لذلك، لا رؤية واضحة الآن حول ما إذا كان هذا التعاون سينتقل إلى الجيل التالي أم سينتهي مع جيلنا نحن.

 

  • جمعية "بيت طيور أيلول" تحمل اسمًا مستوحًى من إرث إملي الأدبي. ما هو دور الجمعية اليوم في حفظ هذا الإرث وتفعيله، خصوصًا على مستوى المدارس والقرّاء الشباب؟ وهل ما يزال البيت قائماً فعليًا بعد الحرب الأخيرة (أيلول 2024)؟

يقع مقرّ الجمعية في قرية كفير الزيت القرية التي عاشت فيها إملي سنين طفولتها. وهي أطلقت على الجمعية اسم "بيت طيور أيلول" لأنها كانت تراها بيت المغتربين أجمع. البيت الذي يحتوي على قصّصهم ويعودون إليه حين يشاؤون.. بعد غيابها بـستة أشهر، وفي شهر أيلول 2018 تحديدًا، أطلقت الجمعية آخر سيرة ذاتية لها بعنوان "المكان" التي نشرتها دار قنبز، واستحضر الحدث 500 شخص على مدار يومين كاملين، إلى القرية، من جميع أنحاء العالم. في أيلول 2019، نظّمت الجمعية مع بلدة كوكبا، القرية التي ولدت فيها إملي، مسيرة تربط كوكبا بالكفير. ومرّة أخرى حضر أشخاص من جميع الأعمار والخلفيّات للمشاركة في هذا الحدث وتفاعلوا مع أهالي القريتين.

خلال هذه الفترة كان البيت مفتوحًا للزوّار. فتوافد إليه طلاّب المدارس والأفراد وأهالي المنطقة.

لا يزال البيت الذي يبلغ عمره 200 عام تقريبًا قائمًا حتى اليوم. فقد نجت الكفير من جولة العنف الأخيرة. ومع ذلك، لا تزال المنطقة غير آمنة لإعادة فتح البيت أمام الجمهور بعد إقفاله خلال جائحة كورونا.

 

  • أشرتم إلى وجود مخطوطات غير منشورة ضمن الأرشيف. هل تفكرون في إصدارها مستقبلًا؟ وهل ترغبين بأن ترى هذه النصوص النور كما لو أن إملي تكتب من جديد في الحاضر؟

في أثناء فرز أرشيف إملي بعد وفاتها، عثرنا على أكثر من مخطوطات غير منشورة. إحداها قصّة للأطفال أطلقت عليها إملي عنوان "الولد"، وهي تستكمل كتابَيْها للأطفال: "أندا الخوتا" و"أين تذهب أندا". وضعتُ لها الرسوم ونُشرت عن دار هاشيت/أنطوان. إلى جانب هذه المخطوطة، عثرنا على تسجيل صوتي لمسرحية للأطفال بعنوان "كوخ جدّو تمار" بصوت إملي. وضعنا المخطوطة بين يدي هاشيت/أنطوان، وكذلك مع نويل كسرواني التي تعمل على فيلم رسوم متحركة قصير مستوحى من قصة "جدّو تمار".