أطلق معهد الآداب الشرقية في جامعة القديس يوسف في بيروت مساء الثلاثاء 23 أيلول 2025 كرسي موريس عوّاد للغة والثقافة اللبنانية، بحضور عدد من الفاعليات الأكاديمية والأدبية والسياسية والإعلامية، بالإضافة إلى جمهور كبير من طلاب الجامعة اليسوعية. ابتدأ حفل الإطلاق بعرض فيلم قصير تعريفي يستعرض ذكريات موريس عوّاد مع الآباء اليسوعيين في دير غزير، ويعرض أفكاره حول اللغة، الشعر، الثقافة، الإيمان، المرأة، والسياسة.
تحدث في الحفل مدير معهد الآداب الشرقية الدكتور طوني قهوجي، الذي أبرز دور المعهد الريادي في الجمع بين التقاليد الأكاديمية العريقة واللغة العربية بمفهومها الواسع، ومواكبة التحديث والتطوّر من خلال التركيز على اللغة والثقافة اللبنانية التي جسّدها موريس عوّاد في شعره وأعماله، مشيراً إلى أن الكرسي يعكس التزام المعهد بتعزيز التنوع الثقافي واللغوي وإحياء الإرث اللبناني مع دعم التجديد الأدبي. وأكَّد قهوجي أنَّ صوت موريس عوّاد سيكون منارة للأجيال القادمة وبوابة للحوار والانفتاح على الهوية.
بدوره، شدَّد المدير التنفيذي لمؤسسة موريس عوّاد، ملكار الخوري، على أهمية الكرسي في توطين النقاش الأكاديمي والعلمي حول اللغة والثقافة اللبنانية بعيداً عن الانقسامات السياسية والطائفية.
أما رئيس كرسي موريس عوّاد، الدكتور جوزيف شهد، فلفَت إلى تعدد وتشعُّب النشاطات والفعليّات التي يطمح الكِرسي إلى تحقيقها، وحدَّد ثلاثة محاور رئيسية للعمل في الكرسي: التوثيق من خلال رصد نصوص شعرية ونثرية وحفظ التراث الشفهي اللبناني، البحث الأكاديمي عبر فتح المجال للدراسات والأبحاث حول اللغة اللبنانية وتقديم منح لطالبي الدكتوراه، وأخيراً الإنتاج الثقافي بتشجيع الكتابة والتأليف باللغة اللبنانية ودعم نشر الأعمال المتميزة.
ويشكّل كرسي موريس عوّاد منصة أكاديمية متميّزة تهدف إلى الحفاظ على إرث موريس عوّاد وتعزيز اللغة اللبنانية كلغة أدبية، من خلال تشجيع البحث والدراسات اللغوية والثقافية، وتطوير حوار متعدد التخصصات يجمع الخبراء في اللغويات، الفلسفة، التاريخ، والأدب اللبناني. كما يدعم الكرسي الباحثين بمنح دراسية تتيح إجراء أبحاث تعمّق الفهم في الشعر وأعمال عوّاد، مع تكريس الدور الجامعي كمكان يجمع بين المحافظة على التراث والانفتاح على الحياة الثقافية المتجددة لخدمة هوية لبنان الثقافية والتعليمية.
اختتم الحفل رئيس جامعة القديس يوسف، الأب البروفيسور سليم دكّاش اليسوعي، الذي أثنى على دور موريس عوّاد الريادي في تحويل اللغة اليومية اللبنانية إلى أدب راقٍ، وإلى إيمانه بالثقافة رسالة واللغة وسيلة لبناء الإنسان والمجتمع. وأشار إلى تأثّر عوّاد بالروح اليسوعية في الدفاع عن الحرية الفكرية والتعددية، وإلى تكامله على هذا الصعيد مع رسالة الجامعات اليسوعيّة في خدمة الإنسان والحياة بالمعرفة.
ولَفَت الأب البروفيسور دكّاش إلى أن تدشين كرسي موريس عوّاد، الذي يركّز على اللغة اللبنانية المحكية، يثير تساؤلات مشروعة حول كيفية التوفيق بين مهمّة معهد الآداب الشرقية الذي يُعَدُّ المرجع الأول في لبنان منذ تأسيسه في دراسة وتعليم اللغة العربية الفصحى وأدبها، وبين مهمة الكرسي المختص بالمحكية كلغة الحياة والتطور المستمر. ورغم هذا التباين الظاهر في الأهداف، أكَّد الأب البروفيسور دكّاش أن الجامعة تبقى الإطار الطبيعي لاحتضان هذه الأسئلة ومعالجتها ضمن حرية أكاديمية تتيح فتح الأفق أمام التعدد والاختلاف، مع الاعتراف بشرعية كِلّ تعبير لغوي يعكس حياة الناس وثقافتهم، مما يمكّن الجمع بين المحافظة على التراث والانفتاح على التجديد في سبيل تعزيز الثقافة والتعليم.
يعكس إطلاق كرسي موريس عوّاد التزام معهد الآداب الشرقية وجامعة القدّيس يوسف بتجديد الدور الثقافي والبحثي في بيروت، مفتتحاً عهداً جديداً للتفاعل بين التراث والحداثة وإبراز ثراء الهوية اللبنانية في المشهد الأكاديمي والثقافي.