تحديّات المسؤولية الاجتماعيّة للمؤسّسات في جامعة القدّيس يوسف جسر العبور من البحث العلميّ الى العمل التطبيقي

Mardi 8 mai 2018
Campus de l'innovation et du sport

تحت عنوان "تحديّات المسؤولية الاجتماعيّة للمؤسّسات في لبنان" وبرعاية رئيسها البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، أقامت كليّة العلوم الاقتصاديّة في جامعة القدّيس يوسف ندوة أكاديميّة-علميّة-عمليّة نظّمها مركز الأبحاث والتوثيق الاقتصادي. هذا الحدث وهو الأول من نوعه يأتي في إطار إنشاء منصّة أكاديميّة للمسؤولية الاجتماعيّة للمؤسّسات في لبنان ينطلق من مساحة مشتركة تتخطى البحث النظريّ لتبني جسور التواصل مع أركان المجال التطبيقيّ من مصارف وشركات ومؤسّسات سعيًا لجعل الاقتصاد في خدمة الإنسان والمجتمع.

   وبعد كلمة الترحيب لعميد الكليّة البروفسور جوزيف الجميّل، كانت كلمة الافتتاح لرئيس الجامعة القديس البروفسور دّكاش، ثم كلمة الدكتورة سهام رزق الله التي قدّمت نتائج دراستها كأستاذة محاضرة في كليّة العلوم الاقتصادية في ضوء النموذج البحثيّ المؤسّساتيّ الحديث الذي يسمح بتحديد مكامن سرعة تطوّر المسؤولية الاجتماعيّة في بعض القطاعات اللبنانيّة وتأخّرها في قطاعات أخرى، ويتيح معرفة ركائز تفعيلها قبل بدء مداخلات ممثلي المؤسّسات المشاركة لا سيّما أقسام المسؤولية الاجتماعيّة فيها للحديث عن تجارب المؤسّسات في هذا المجال.

أشار البروفسور دكّاش الى أن المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات تبقى في لبنان مفهومًا غير واضح، فليس هناك من تشريع وموقف مشترك للشركات بهذا الخصوص. الشركات ما زالت قليلة لكي تلتزم في سلوك هذه الدرب. فقط 160 كيانًا لبنانيًّا (من بينها منظّمات عديدة) وقّع حتّى اليوم على "الميثاق العالميّ" للأمم المتّحدة (المعروف أكثر تحت التسمية الإنجليزيّة “Global Compact”)، وهي مجموعة من 10 مبادئ ترمي إلى حثّ الشركات على تبنّي موقف "مسؤول اجتماعيًّا"، بالتزامها في دمج 10 مبادئ خاصّة وتعزيزها، مبادئ ترتبط بحقوق الإنسان وبالمعايير الدوليّة للعمل ومكافحة الفساد... من بين هذه الشركات الرائدة، إلتزمت عدّة مؤسّسات مصرفيّة اتّباع مبادئ الميثاق العالميّ وتقديم تقرير بالنشاطات التي تمّت في هذا المجال. وختم قائلا "إذا كانت لديّ أمنيات أودّ التعبير عنها، فذلك لأنّ الشركات اللّبنانيّة، على الرغم من صعوبات الحياة اليوميّة، تدخل في عمليّة المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات بشكلٍ كامل، وهذه المسؤوليّة تصبح جزءًا لا يتجزّأ من حوكمة أيّ شركة. انطلاقًا من هذا المؤتمر ستكون فكرة تشجيع إنشاء منصّة تقودها الشركات بدعمٍ من المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات من أجل التفكير المشترك وتشجيع المسؤوليّة الاجتماعيّة للشركات إنجازًا جيّدًا.

ثم شرحت د. سهام رزق الله تحديّات المسؤولية الاجتماعيّة في لبنان نظرًا لاعتماده على المبادرة الحرّة والطوعية للمؤسّسات من دون أي قيد أو رقابة أو تقدير أو تشجيع أو حوافز غير المنافسة بين المؤسّسات نفسها على تلميع صورتها إزاء المستهلكين لزيادة حصتها في السوق ليس إلّا، الأمر الذي يجعل نموّ المسؤولية الاجتماعيّة خجولاً في لبنان لأسباب عديدة يمكن تلخيصها بـ:

المبادرات غير مؤطرة وتطوعية،  ضعف المعلومات والبيانات حول المسؤولية الاجتماعيّة للشركات في لبنان، غياب أي توجيه نحو القطاعات التي تحتاج التدخل الاجتماعيّ للمؤسّسات فيها، غياب الضغط من جانب أصحاب المصالح لتطوير المسؤولية الاجتماعيّة للشركات، عدم وجود حوافز من الدولة لتشجيع تطوير المسؤولية الاجتماعيّة للشركات، غياب أيّ تقييم للجهود المبذولة من قبل بعض المؤسّسات في مجال المسؤولية الاجتماعيّة أو عربون أو شهادة تقدير تميّزها عن سائر المؤسّسات المنافسة لها في قطاعاتها، عدم وجود قانون أو أي نوع من التشريعات التي تشجع على التعاون بين القطاعين العامّ والخاصّ لتشجيع بعض مبادرات القطاع الخاصّ مثل المسؤولية الاجتماعيّة للشركات،  افتقاد أطر الحوار بين القطاع الأكاديميّ والقطاع المهنيّ من جهة وبين القطاعين العامّ والخاصّ من جهة أخرى حول المسؤولية الاجتماعيّة للشركات، ضعف حملات التوعية في وسائل الإعلام حول المسؤولية الاجتماعيّة للشركات التي لا تزال مغمورة، وندرة برامج تبادل الخبرات مع الشركات المتعدّدة الجنسيّات في مجال المسؤولية الاجتماعيّة للمؤسّسات بغية تسهيل سبل الالتزام بالمعايير الدوليّة المتصلة بها تدريجًا.. والتي تتطلّب إنشاء منصّة أكاديميّة خاصّة بالمسؤولية الاجتماعيّة تكون من ناحية مساحة حوار بين المجال الجامعيّ والأكاديميّ ومن ناحية ثانية مساحة تلاقي وحوار بين القطاع الخاصّ والقطاع العامّ بغية التحفيز على قوننة المسؤولية الاجتماعيّة وتقديم الحوافز المطلوبة لها ومأسسة تقييمها من قبل هيئات رسمية مختصّة تسعى لتوجيه المبادرات نحو المشاريع الأولوية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة وفق المعايير الدولية المعتمدة من الأمم المتحدة...

وقد شارك في مناقشة نتائج البحث نخبة من ممثلي القطاعات المعنية، فتحدّثت السيدة هازميغ الخوري، رئيسة وحدة المسؤولية الاجتماعيّة في بنك عودة عن تأثير التقليد والمحاكي في إدخال المسؤولية الاجتماعيّة في القطاع المصرفي اللبناني، والسيدة رنا حداد، رئيسة وحدة المسؤولية الاجتماعيّة في البنك اللبناني-الفرنسي عن تجربة المصرف في إدخال المسؤولية الاجتماعيّة ضمن استراتيجيته، والسيدة سهى بو رجيلي، رئيسة وحدة المسؤولية الاجتماعيّة في شركة الاتصالات ألفا عن أهمية القيم الاجتماعيّة في اعتماد المسؤولية الاجتماعيّة في استراتيجيّات قطاع الاتصالات، والسيدة غيدا إبراهيم، رئيسة وحدة المسؤولية الاجتماعيّة في شركة فتال عن معوقات غياب قوننة وتنظيم المسؤولية الاجتماعيّة للشركات في القطاع التجاري والسيدة كارلا زيادة، ممثلة محافظة وبلدية بيروت عن أثر إقرار الشراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ على المسؤولية الاجتماعيّة للمؤسسات ومشاريع التنمية المستدامة.

ثم جرى نقاش بين ممثلي المؤسّسات والطلاّب والباحثين في المسؤولية الاجتماعيّة المشاركين في الندوة. واختتم اللقاء بنخب المناسبة في حرم الابتكار والرياضة بحضور حاشد من أركان الجامعة والهيئة التعليميّة والإداريّة والطلاّب والباحثين في هذا المجال من الوسط الأكاديميّ ومن المؤسّسات والشركات.