الراسي حاضرت في مركز لويس بوزيه في اليسوعيّة عن الجمعيّة الفلسطينيّة الأرثوذكسيّة

الخميس 21 شباط 2019
Bâtiment A, Salle Joseph ZAAROUR, 6ème étage - Campus des sciences humaines

نظّم مركز لويس بوزيه لدراسة الحضارات القديمة والوسيطة في جامعة القدّيس يوسف، معهد الآداب الشرقيّة،

ندوة بعنوان "الجمعيّة الفلسطينيّة الأرثوذكسيّة بقلم أحد خرّيجيّ مدارسها" في قاعة جوزف زعرور، حرم العلوم الإنسانيّة-طريق الشام بيروت، قدّمتها الدكتورة جوليات الراسي، رئيسة الفرقة البحثيّة في التاريخ في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعُلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في الجامعة اللبنانيّة.

تطرّقت الراسي إلى تاريخ الجمعية الفلسطينية الأرثوذكسية بقلم أحد خرّيجي مدارسها: شكري خليل سويدان المرجعيونيّ، وكانت هذه الجمعيَة قد تأسَست في روسيا في 21 أيار 1882، بعد أن حجّ الأمير سرجيوس (المتوفى سنة 1903)، أخو القيصر الروسيّ ألكسندر الثالث إلى الأراضي المقدّسة، ورأى بأمِّ عينَيه الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الحجّاج الروس، والحياة البائسة التي يعيشها المسيحيّون الأرثوذكس الشرقيّون في ظلّ الدولة العثمانيّة. وقد أضيف إلى اسم الجمعيّة في ما بعد كلمة " امبراطوريّة".

وتابعت قائلة: "إنّ مؤسّس الجمعيّة الحقيقيّ هو العالم والمستشرق الروسيّ باسيلي دي خيتروفو (المتوفّى سنة 1905) الذي حجّ هو أيضًا، وعاين بنفسه الأوضاع في الشرق. وقد وضع قانونَ الجمعيَّة الأساسيّ، وكان المحرّك لنشاطاتها كافَّة، تلك النشاطاتُ التي تركّزت على ثلاث نقاط رئيسيّة: تأمين الحجّ الروسيّ، وعضد الأرثوذكس الشرقيّين، والقيام بأبحاث أثريّة وعلميّة ودينيّة عن الأراضي المقدّسة".

وشرحت قائلة: "انتمت إلى الجمعيّة شخصياتٌ سياسيّة مهمّة مثل الأمراء والأميرات الروس، بالإضافة إلى شخصيّات دينيّة وعلميّة مهمّة من الروس ومن المسيحيّين الشرقيّين أيضًا. وتمّ تمويل الجمعيّة بتبرّعات القيصر الروسيّ والأمراء، فضلاً عن تبرّعات أتت من مختلف طبقات المجتمع الروسيّ. وقد نجحت الجمعيّة في مسعاها لتأمين الحجّ الروسي إلى الأراضي المقدّسة، وتمّ تأمين أماكن لإقامة الحجّاج، وبناء الكنائس الجديدة وترميم كنائس أخرى. وبنيت المستوصفات للاهتمام بصحّة السكان في الأراضي المقدّسة من دون تفريقٍ بين شخص وآخر. كما ألّفت مئات الأبحاث عن الأراضي المقدّسة، ووزّعت النشرات مجّانًا على فئات الشعب الروسيّ كافّة للاطّلاع على أحوال الشرق المسيحيّ".

وتوقفت الدكتورة الراسي على "أهمّ مآثر الجمعيّة، وهي إنشاء المدارس وتأمين التعليم المجانيّ، بخاصّةٍ في فلسطين كما في سوريا ولبنان التي تتجاوز عددُها المائة مدرسة. وقد انتشرت هذه المدارس التي كانت مبتكرة في مناهجها وأساليب التدريس فيها في المدن كما في القرى الصغيرة، وكانت مختلطة وغير مختلطة على السواء. وتخرّج منها أفضل المتعلّمين والمثقّفين الروّاد، ومن أشهرهم الفيلسوف ميخائيل نعيمة خريج إكليريكيّة الناصرة التي حصل على منحةٍ منها لإكمال دروسه في روسيا، كذلك شكري خليل سويدان ابن بلدة مرجعيون الذي درس في مدرسة روسيّة في فلسطين، ثم درّس في المدرسة الأرثوذكسيّة الموسكوفيّة في بلدته بعد تخرّجه، ليسافر بعد ذلك إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة ويتخصّص في الأدب الإنكليزيّ في جامعة هارفرد. وعلامةً على فضل الجمعيَّة عليه، دوَّن تاريخها لمناسبة مرور 25 سنة على تأسيسها عام 1907".

وختمت الراسي محاضرتها بالقول: لم يُكتب لإنجازات الجمعيّة بالاستمرار بسبب نشوب الحرب العالميّة الأولى سنة 1914، وإجبار روسيا رعاياها على مغادرة الشرق، كما أنّها لم تعمّر طويلاً في روسيا عينها، إذ توقّفت نشاطاتها مع الثورة البولشيفيّة سنة 1917، وتحوّلت إلى أكاديميّة للعلوم استمرّت بالاهتمام بتاريخ الشرق".

ومع انهيار الاتحاد السوفياتيّ أُعيد تفعيل الجمعيّة، وكان أولّ مؤتمر عقدته عن علاقات الشرق بالغرب سنة 1997 في جامعة البلمند، وقد شاركت الأستاذة الدكتورة جوليات الراسي فيه ببحث عنوانه: رحلة مكاريوس ابن الزعيم إلى روسيا (في القرن السابع عشر) كمحطة مهمة في تاريخ روسيا وأرثوذكس الشرق (نشر سنة 1998).