دكاش في دردشة مع جريدة النهار اللبنانية: جامعتنا وطنية للتنوير وللعيش معًا

مقالة للزميل إبراهيم حيدر جمع فيها آراء ومواقف للبروفسور دكاش، نعيد نشرها بعد أن صدرت في جريدة النهار صباح الأربعاء 14 آب 2019
الأربعاء 14 آب 2019
Rectorat
Organisateurs

Collaborateurs
  • النهار


 

ابراهيم حيدر

القديس يوسف USJ هي لكل اللبنانيين. جامعة منفتحة على كل الطوائف والجماعات، تهتم بالتنشئة على محبة البلد وعلى روح المواطنة والمشاركة والتضامن. هذه رسالة اليسوعية كما يؤكدها رئيسها البروفسور الأب سليم دكاش اليسوعي، وهي تستمر في مسيرة اليسوعيين الذين نهضوا بالتربية منذ القرن الثالث عشر. هي جامعة تخرج الطلاب بمستوى عال في مختلف الاختصاصات، طالما أن مشروعها يمتد على المساحة الفكرية والاجتماعية للبلد، بهدف بناء المواطن اللبناني الحقيقي.

لا يكتفي سليم دكاش بتعزيز دور الجامعة في المجتمع، وهي في الأساس متأصلة تاريخياً ومارست دوراً مهماً في بناء لبنان، بل ينقلها الى مصاف العالمية، وباتت تشكل صلة وصل بين العالم الفرنكوفوني والأوروبي، وهي الجامعة الفرنكوفونية، وبين الثقافات الأخرى، مكرسة موقعها في القارة الأميركية بين الجامعات. وها هم متخرجو الجامعة بالآلاف ينتشرون بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا ويبرزون في شكل رئيسي في مجال الطب، رافعين اسم الجامعة ولبنان. فالجامعة تاسست لخدمة لبنان الثقافة، والكفايات والمهارات والحريات والعيش معاً وفق ما يؤكد دكاش، وهي اليوم تدمج في أهداف تأسيسها بين الحداثة والديموقراطية.

يُغرق سليم دكاش الجامعة بالمعايير الأكاديمية. لا يلتزمها فحسب بل هي في صلب بنيتها، وهو يواجه بالمعنى الأكاديمي الانحدار بالنظام الجامعي نحو الهاوية، والفساد المعمم، والاهم تسعى الجامعة لاستعادة الهوية للبلد. وقد نجح دكاش على رغم التحديات في جعل الجامعة مكاناً للانفتاح والتنوير وإشاعة التفكير النقدي، فصارت مجتمعاً يختصر لبنان بكل تياراته، في أجواء من العيش معاً والديموقراطية.

تجمع اليسوعية طلاب لبنان في تنوعهم، ويمكن أن يقال انها أكثر جامعة لبنانية تاريخية تكرس خدمتها للطبقة المتوسطة، وهي ببرامجها المتقدمة واختصاصاتها المتنوعة ومستوى تعليمها تستقطب كل الفئات. ولأن الجامعة تخرج الطلاب بمستوى عال، يؤكد دكاش لـ"النهار" بأن قيمة لبنان بموارده البشرية، وهذا هو رأسماله الأول. لذا تعمل الجامعة مع الشركات لدعم الطلاب ومساعدتهم وتتواصل مع القدامى، فهناك 40 جمعية نشطة في العالم يتابعها جهاز في الجامعة مهمته التواصل مع المتخرجين. ويكشف عن فتح مكاتب في لوس أنجلس وديترويت في الولايات المتحدة وفي كندا، إلى المكتب الرئيسي في هيوستن يعمل لجمع التبرعات والتواصل مع قدامى المتخرجين وإقامة نشاطات لتعزيز اسم الجامعة في كل الولايات بين كندا والولايات المتحدة، خصوصاً أن هناك أكثر من 3500 من قدامى الجامعة يعملون في فضاءات مختلفة، لا سيما في مجالات الطب وطب الأسنان والهندسة وادارة الأعمال ويتسلمون مهمات على مستوى رفيع. ويقول دكاش إن سياستنا الاجتماعية أو الدعم الاجتماعي لمساعدة الطلاب، والتي تساعد 40 في المئة منهم، مرتبطة بتوجهنا نحو القدامى، وهذه مسؤولية كبيرة.
يتعزز وضع الجامعة بالعلاقة مع المجتمع الاكاديمي في العالم. يشير دكاش إلى الاتفاقات مع الجامعات الفرنسية والجامعات الكندية الفرنسية والانكليزية، والتي ترسخ موقع الجامعة الأكاديمي عالمياً، ويكشف عن اتفاقات مع عشر جامعات في الولايات المتحدة الأميركية، وتشارك الجامعة في 85 اتحاداً عالمياً، من بينها اتحاد الجامعات العالمية، اتحاد الجامعات العربية، واتحاد الجامعات الفرنكوفونية، كما أن كل كلية تشارك في اتحاد هو من اختصاصها. علماً أن هذه الاتفاقات والتزام الجامعة المعايير وتعزيزها للبحوث تساهم في رفع مكانتها في التصنيف العالمي. ولأن مشروع الجامعة يرتكز على البحوث، يشير دكاش الى آخر مشروع مع مصرف لبنان، فقد حصلت الشراكة بين الجامعتين اليسوعية والأميركية على دعم المصرف المركزي برأسمال مليون دولار كخطوة أولى للبحوث في الحقل الطبي، ويشير في هذا المجال الى قيام 12 فريقاً كل فريق مؤلف من 3 أو 4 باحثين مهمتهم انتاج معرفة تطبيقية متقدمة.

تتطور بنية الجامعة الإدارية الى جانب الأكاديمية، فقد صار في اليسوعية مجلس أمناء مهمته إدارة الجامعة مع رئيسها مباشرة، فيما يبقى المجلس الاستراتيجي يمارس مهماته إضافة الى دوره الاستشاري، علماً أن القانون 285/14 نص على أن كل جامعة يجب أن يكون لديها مجلس أمناء، "وهذا ما فعلناه في الاطار القانوني، إلى تغييرات في أنظمة الجامعة. باختصار إن مجلس الامناء يؤكد استقلالية الجامعة، وقرارها الأكاديمي وارتباطها بالرهبانية اليسوعية وتقليدها التربوي التاريخي.

ترفع الجامعة في مسيرتها الأكاديمية من أرصدة اللغة الإنكليزية، وكذلك أرصدة عدة باللغة العربية، لتجمع بين لغات العالم الحية. وهي تركز على اللغة والإنسانيات والبحوث العلمية. هي اليوم أول جامعة فرنكوفونية في العالم تنال كلية منها اعتماداً أميركياً هوABET  والأهم أنه بلا شروط ولست سنوات. وتجمع الجامعة أيضاً الاعتماد المؤسّسي الدوليّ "غير المشروط" الذي نالته في أذار الماضي من الوكالة الأوروبيّة أكوين ACQUIN، وهو يعزّز موقعها الوطنيّ والإقليميّ والدوليّ ومكانتها.

يشير الأب دكاش الى أن الدراسات في عالم الهندسة تقوى في الجامعات التي لديها كليات قوية. خلال 3 سنوات سيزيد طلاب الهندسة في اليسوعية الى 300 طالب وطالبة في 10 اختصاصات. "الأهم أننا عدنا وأطلقنا كلية الهندسة المعمارية، وهي ستنطلق في أيلول مع 25 طالباً في السنة الأولى، وترتكزعلى العمل مع السويسريين، كلية البوليتكنيك في جنيف. وخلافاً لبقية الجامعات، ترتبط الهندسة المعمارية في اليسوعية بالهندسة المدنية".

ولدى الجامعة أكبر نسبة اختصاصات موجودة في البلد، وجديدها كلية الطب الحيواني. ولفت دكاش الى اعلاقة الجيدة بالجامعة اللبنانية ولدينا معها 3 اتفاقيات. وفي القديس يوسف 400 أستاذ في الملاك، ووفق دكاش وضعنا قانون الأستاذ الباحث، ويرتكز على قاعدة البحوث العامة 50 في المئة، 30 في المئة بحث علمي. 10 في المئة مساعدة ادارية، و10 في المئة تكوين مستمر. أما المتعاقدين، فقد أعددنا قانوناً لهم للتقويم، وعملية تدريب، وقد بدأت تظهر نسبة مهمة للبحوث لديهم، وهم يساهمون في النمو الأكاديمي.

ولأن الجامعة تهدف أيضاً الى خدمة المجتمع، فقدمت رصيدين اضافيين مجاناً، تقييم العمل الاجتماعي، التزام مع منظمات أو جمعيات، ومع الحركة الطالبية، إضافة إلى مشاريع اجتماعية، وهما يمنحان قيمة مضافة للطلاب في سوق العمل، والتزام وعلاقة بالواقع. ولدى الجامعة 50 جمعية تساعد الطلاب، قسم منها وقع اتفاقيات، إضافة الى مساهمة الجامعة بدعم الطلاب.

مؤسسة جامعة القديس يوسف أيضاً مهمتها جمع التبرعات، واستقطاب شخصيات من أصدقاء الجامعة لمساعدة الطلاب.

وضعت الجامعة خطة رؤيوية للسنة 2025. من أهدافه بناء صندوق سيادي للجامعة بقيمة 15 أو 20 مليون دولار. حتى يصبح لدينا استقلالية لتقديم منح للطلاب. ونصل أيضاً الى الاستقلالية التامة. كل الفائض نضعه في صندوق المنح، ونشارك في ميزانيته.

يلفت دكاش الى رسالة الجامعة الوطنية. ففي ظل الخلاف على مفهوم لبنان الكبير، "مشروعنا يمتد على المساحة الفكرية والاجتماعية. فكيف ننتقل الى لبنان المواطن الحقيقي. ننتهز الفرصة لنحول المئوية الى مئوية تفكير كيف نبني وطناً جديداً". ودعا أخيراً الجامعات الى التفكير والى اعادة النظر، فلبنان الكبير الذي نريده اليوم هو المنفتح المتنور والمتنوع. المنفتح على الحريات، والوطني، والقادر على الانتاج.

المشكلة أن لا رؤية اليوم الى لبنان. لكن مهمتنا في الجامعة ليست مستحيلة هي المجتمع الذي ينظر الى لبنان المستقبل.