يا مستعجل وقّف تقلّك

27 5 2020

لو نظرنا إلى حياتنا ما قبل الأزمة التي نعيشها اليوم، لرأينا أنّنا في الواقع نلنا فرصة كنّا نبحث عنها طويلاً.

الحياة تجري أمامنا ونحن نحاول جاهدين اللحاق بها.

ننتظر فرصة لنتنفّس فيها الصعداء ولكن، عبثًا... لا وقت لذلك.

تُهْنا في ضوضاء هذا العالم وصخبه حتّى أصبحت الراحة مجرّد حلم.

أمّا الأمل، فبات شبه معدوم.

انطوت صفحة 2019 وافْتُتِحَت 2020 بفرح عظيم واستقبلها الجميع علّها تكون أجمل من سابقاتها. غير أنّه ومنذ بداية هذا العام الجديد لم يشهد العالم سوى المآسي والمصاعب والمصائب التي ضربت سكّان الأرض صفعة تلوى الأخرى والله أعلم ما تخبّئه الأيام. فبين الحرائق والزلازل والإنتفاضات وانهيار الاقتصادات، أتت المصيبة الكبرى وعزلت سكان الأرض عن بعضهم. ومع كلّ مصيبة تلاشى الأمل أكثر فأكثر وخفتَ الضوء في آخر النفق شيئًا فشيئًا.

جلست مع نفسي ورحت أفكّر. فكّرت بأمور كثيرة تشغل بالنا يوماً بعد يوم. فكّرتُ بأمور كانت محطّ اهتمامنا لا بل محطّ قلق كبير.

ففي الوقت الذي صارت فيه ملازمة المنزل عقابًا للبعض، استفاد آخرون من الوضع الراهن: عائلات بدأ أفرادها يتعرّفون إلى بعضهم البعض وكأنّهم يلتقون للمرّة الأولى. والطبيعة التي كانت تعاني من تلويثنا واستهتارنا ولامبالاتنا وجدت الآن فرصة لنفسها لتتجدّد وترتاح. وفهمنا أنّه مهما تطوّرت التكنولوجيا ووصلت إلى مراحل متقدّمة، بعض الأمور لا غنى عنها. ففي ملازمة المنازل، اجتمعت عائلات وخفّ التلوّث وعرفنا قيمة "الإنسان" في زمن صار فيه للآلة قيمة أكثر من الإنسان.

وفي ظلّ هذه الأزمة وعلى الرّغم من المسافات التي تفصل الإنسان عن أخيه الإنسان، فهمنا أهميّة ذاك الآخر الذي نستهتر بوجوده  في الكثير من الأحيان. والأهم أننا استطعنا أخيراً أن نقف لحظةً ونستعيد أنفاسنا. صحيحٌ أنّ ما يحدث الآن في العالم من أقبح ما يمكن أن يصيب الإنسان، ولكن، من الجميل أن نتمسّك ببصيص أمل.

في زمن العجقة والركض بركض، في صوت عم بقلّي "يا مستعجل وقّف تقلّك، رجاع فكّر منيح بمعنى هالحياة، لأنّو فهمانها غلط ".

Sami-Joe Issa

ETIB - L6