دكّاش في ندوة فلسفة التعليم العالي وسوق العمل: الطريق صعب إلاّ أنّ وضوح مقاصدنا يساعدنا في تحقيق رسالتنا

الجمعة 18 أيلول 2020
Organisateurs

Collaborateurs
  • جامعة قطر


شارك البروفسور سليم دكّاش رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت في ندوة عالمية أقامها مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة في جامعة قطر (15 أيلول/سبتمبر 2020)، وحملت عنوان "فلسفة التعليم العالي في ظل هيمنة سوق العمل"، وأقيمت عن بُعد عبر منصّة ويبيكس، وتضمنت جلسة الافتتاحية وأربعة محاور.   

حلّ دكّاش ضيفًا في الجلسة الافتتاحيّة وتحدّث فيها إلى جانب كل من رئيس جامعة قطر الدكتور حسن الدرهم، ورئيس جامعة الكويت الدكتور فايز الظفيري، وعميد جامعة جورجتاون – قطر الدكتور أحمد دلّال.

عالج دكّاش في محاضرته ثلاثة أسئلة أساسية تخلصت بالتالي:

1 - ما هو موقع "خدمة سوق العمل" في منظومة مقاصد التعليم الجامعيّ في جامعة القدّيس يوسف في بيروت؟ وما هي استراتيجيّة جامعة القدّيس يوسف في بيروت لترتيب أولويّات مقاصد التعليم الجامعيّ؟

2 - ما هي الصعوبات التي تواجه جامعة القدّيس يوسف في بيروت لإيجاد توازن في مقاصد التعليم الجامعيّ؟

3 - هل هناك اتّجاهات وآفاق جديدة تتّجه لها الجامعات الحديثة في وضع أهداف التعليم الجامعيّ؟

وأجاب عليها من خلال تجربة جامعة القدّيس يوسف بدءًا من شرعتها التي كُتبت بعد مئة سنة من تأسيسها، مؤكّدًا أن الجامعة "تسعى إلى تأدية المهمّة الوظيفيّة والثقافيّة من خلال التعليم الذي تُسديه "فتيسّر لطلبتها اكتساب التنشئة التي تتيح لهم أن يمارسوا نشاطًا في المجتمع الذي ينتمون إليه"، "وهي تنشئة تلائم الحياة المهنيّة التي يرغبون فيها".

وتحدّث عن المقاصد المتعلقة بسوق العمل فأشار إلى هذه المقاصد بـأنها "المراجعة المستمرّة لأهداف البرامج المعتمدة في الجامعة وكذلك، وعلى وجه الخصوص، الكفايات والمخرجات الخاصّة بتلك البرامج والتي هي مرتبطة الارتباط الوثيق بسوق العمل"، وأشار إلى دور "البحث العلميّ وإشراك الطالب فيه وإعداده ليكون باحثًا مجدّدًا مبدعًا والتماس القواعد الأخلاقيّة على الدوام على مستوى الاختصاصات كلّها، وهذا ما توليه جامعتنا اهتمامًا خاصًّا إذ أنّ المتغيّرات التي تطرأ يوميًّا على عالم الاقتصاد والسياسة والإنتاج تفرض على الطالب أن يكون متمكّنًا من استنباط الحلول الملائمة وأن يكون مبدعًا في الاجابة على حاجات السوق.  وفي هذا المجال، إنّ مادّة وبرامج تعهّد الأعمال (entrepreneuriat) أصبحت جزءًا لا يتجزّأ من مختلف البرامج في الجامعة".

كما توقّف على أهمية "التعدّد اللغويّ"، وقال: "هنا أخصّ جامعتنا بقيمة مُضافة هي تعليم طلاّبنا المتخرّجين لُغات ثلاث أي التحكُّم بالعربيّة والفرنسيّة بما أنّ جزءًا أساسيًّا من برامجنا تُعطى بالفرنسيّة، وكذلك اللغة الإنكليزيّة التي أصبح تعلُّمها أساسيًّا بحيث لا تُعطى الشهادة في الإجازة والماستر إن لم ينجح الطالب في امتحان الكفاءة باللغة الإنكليزيّة".

ولم يغفل رئيس الجامعة عن الأزمة التي يعيشها لبنان فقال: "إنّ أزمة إدارة لبنان سياسيًّا وبالتالي إقتصاديًّا وماليًّا، وما نعرفه عن الفساد ونظام المحاصصة، أوصلنا اليوم لمنظومة التعليم العالي في لبنان ذي الجودة والنوعيّة أيضًا، إلى حافّة الانهيار، بحيث إنّ جامعات لبنان ذي الجودة لم يعد لديها إلاّ اليسير من مقوّمات الاستمرار في أداء رسالتها، وهي إن قَدِرت أن تستمرّ فالسوق الاقتصاديّة المحليّة لم تعد موجودة أو أنّها شبه معدومة، أو أنّه عليها أن تتحدّث وتتجدّد. لكنّ الانهيار الماليّ يقف أيضًا بوضوح عقبة قويّة أمام تحدّي التحديث الاقتصاديّ، زد على ذلك، هجرة الأساتذة وخصوصًا الجيّدين منهم وهذه ضربة لرسالة الجامعة وخصوصًا في التعليم وفي التكوين المتكامل للطالب".

وتابع يقول: "والأزمة هي أيضًا واقعة ومنذ مدّة ما بين التعليم الجامعي الخاصّ، بالرغم من رسالته الوطنيّة، ووزارة التعليم العالي التي تُعامل الصالح كما تُعامل الطالح الذي لم يتوان عن بيع الشهادات في سوق النخاسة بحيث أنّ مديريّة التعليم العالي هي شبه متوقّفة عن العمل وبالتالي الكثير من الاختصاصات والبرامج الخاصّة بالجامعات لم تنل إذنًا بالمباشرة وهي نائمة في أدراج وزارة التعليم العالي".

وختم دكّاش محاضرته بالقول: " الطريق صعب إلاّ أنّ وضوح الغايات والمقاصد إنّما يساعدنا في تحقيق رسالتنا والسير بـها إلى برّ الأمان".

محاور الندوة

ناقشت الندوة أربعة موضوعات أساسيّة توزعت في المحاور التالية:

  • المحور الأول: التعليم العالي: الفلسفة والأولويات والآفاق

بحث هذا المحور في الفلسفة التي ينبغي أن تقف وراء تحديد مقاصد التعليم العالي، وعن جدل العلاقة بين هذه المقاصد، ومعايير تحديد سلم الأولويات فيما بينها بما يقتضي مساءلة مشروعية هيمنة مقصد خدمة سوق العمل على التعليم العالي. وأخيرًا بحث هذا المحور عن إمكانية البحث عن مقاصد مبتكرة تواكب مستجدات أنماط التعليم الحديث واحتياجات المجتمعات الإنسانية.

  • المحور الثاني: جهود وتجارب تجسير الهوة بين التعليم العالي ومقاصده والتعليم ما قبل الجامعي

وقف هذا المحور على التجارب المختلفة لمؤسسات التعليم العالي وكيفية تجسر الهوّة بين مقاصد التعليم المختلفة ومنظومة التعليم نفسها، وعن تجاربها في أداء أدوار قيادية في المجال المجتمعي، وعن جهود الجامعات في تجسير الهوة بينها وبين التعليم ما قبل الجامعي.

  • المحور الثالث: التعليم العالي وتحديات التقنية في السياق العربي

تناول هذا المحور الدور الذي تطلع به مؤسسات التعليم العالي في نقل العلوم والتقنية، ومحاولة توطينها في العالم العربي. ونظر بعين ناقدة إلى مناهج وبرامج ومخرجات البحث العلمي، كما يتناول طبيعة الإشكالات العلمية والعملية التي تحيط بمنظومات العلم والتقنية في العالم العربي، وتحول دون إحداث النهضة العلمية المرجوة.

  • المحور الرابع: آفاق جديدة في تطوير النظام الجامعي وقدرات الأساتذة

ركّز هذا المحور على الرؤى النقدية والبنائية التي تسعى لتطوير النظام الجامعي منهجيًا ومعرفيًا وإجرائيًا، لا سيما في الدراسات العليا والبحث العلمي. كما ركّز على الأفكار والمقترحات التي تسعى لتطوير قدرات أساتذة الجامعات، سواء ما يتعلق بمجال التدريس أو البحث العلمي أو خدمة المجتمع.