تطوّرات الغزو الأذربيجاني و"إستعادة" المناطق التي يسكنها الأرمن

Muriel ABOU IMAD
Mardi 08 décembre 2020
Organisateurs


بعد مرور أعوام على إعلان إستقلال جمهورية ناغورني قره باغ (أرتساخ)، أي منذ نهاية الحرب عام 1994، والتي كان قد شكّل الشعب الأرمني جزء كبير نسبيّاً من سكّانها، عاد اليوم إلى الساحة موضوع صراع كبير تُرجِم عبر النزاعات العسكرية المسلّحة التي تشتعل بين القوات الأذربيجانية من جهة والقوات الأرمنية إلى جانب جمهورية أرتساخ من حهة أخرى في مرتفعات قره باغ المُتنازع عليها. بدأ هذا الصراع في صباح 27 أيلول ليقضي على عدد من المدنيين والعسكريين، ما أدّى إلى إعلان التعبئة العامّة في أرمينيا وإعلان، فيما بعد، التعبئة الجزئية في أذربيجان . 
على الرغم من التّدخلات الخارجية التي طالبت بتهدئة الوضع واللّجوء إلى الحلول السّلمية، إلاّ أنها الحرب استمرت  شاعلةً وازدادت أعداد الضحايا والإصابات. على سبيل المثال، حاولت الأمم المتّحدة أن تلعب دورَ الوسيط لعلّها تبتّ بالنزاع، لكن بلا جدوى. إذ تابعت القوات الأذربيجانية تقدمها . فقد أدّى التدخل الروسي إلى عقد تسوية بين الدولتين في أواخر تشرين الثاني 2020 قضت بوقف إطلاق النار في إقليم ناغورني قره باغ مقابل إستعادة أذربيجان الأراضي "المحتلة" وتعهّدت روسيا بنشر قوّاتها للمحافظة على سلامة المنطقة التي سيطرت أذربيجان عليها. فلم يكن أمام رئيس الوزراء الأرميني خيار إلاّ إعلان الخسارة لأن السلطات التركية تدعم أذربيجان. تعقيباً على ما سبق، هل تتحمّل أرمينيا إبادة جماعية ثانية وترحيل أبنائها وهجرتهم إلى كل أنحاء العالم من جديد؟ 
ومع ذلك رفضت غالبية الشعب الأرمني هذه التسوية وأدانت رئيس الوزراء على موافقته، فأقامت التظاهرات والتجمعات أمام مقر الحكومة في يريفان للمطالبة باستقالته. 
من هنا، فإنه من نافر القول أن رئيس الوزراء الأرميني كان عاجزاً أمام هذه التسوية. إذ ينص الاتفاقر على إستعادة أذربيجان ثلاثة محافظات تحتلها أرمينيا في محيط قره باغ ألا وهي كلبجار بحلول 15 تشرين الثاني 2020، أغدام خلال 20 الشهر عينه ولاتشين في أول ديسمبر. وها نحن نشهد اليوم إستعادة ممر لاتشين. وبذلك تكون  ارمينيا قد خسرت مرة جديدة ، وإن على شكل مصغّر من الإبادة، من أجل حفظ حياة المواطنين الأرمن. 
المسألة المطروحة اليوم تتعلّق بمصير الأرمن الذين عمّروا وبنوا وعاشوا في المناطق موضوع التسوية. إذ إن غالبيتهم  لا ملجأ لهم إن أخلَوا بيوتهم. لقد قال أحدهم : "لا اعلم اين اذهب"، فيما قال البعض : " سننتظر ونرى ماذا سيحصل". أما البعض الآخر فقاموا بحرق بيوتهم وسياراتهم قائلين : "هذه الأرض أرضنا، بنينا بيوتنا وعملنا كل هذه السنين وجمعنا الأموال لنؤمن حياة أبنائنا. إن لن تكن كل هذه الأتعاب والأحصاد لهم، فلن تكون لغيرهم". المشهد محزن للغاية لأننا نجهل ما يثير حزننا أكثر: حرق البيوت وأتعاب مئات السنين أم حرقة قلوب الشعب الأرمني...