خواطر وزفرة، في عامٍ كأّنه ما كان ولن يكون

بقلم المترجم الفوري والصحافي شوقي الريّس
Janvier

نأى عن الحياةِ، يبدّدُ الوقتَ

رسَمَ إناءً، على ورقة

رسَمَ زهرةً في الإناء

وفاحَ عطرٌ من الورقة

 

رسَمَ كوبَ ماءٍ

شرِبَ رشفةً

وسقى الزهرة

 

رسَمَ غرفةً

وَضَعَ في الغرفةِ سريرًا

ونام

 

وحين استفاقَ

رسَمَ بحرًا

بحرًا عميقًا

وغرِقَ

…..

شلّالاتٌ من الضباب تنهمر على الوطن الذي أصبح حقل رمايةٍ وطعنةً في خواصر أبنائه الذين يستودعون بعضهم كلمة السرّ قبل أن يعبروا رصيف الدمع إلى الليل الذي يبدّل عمدًا أماكن وجوده بعد أن جفّ ضرع الحياة، ثم ينصرفون الى شتّى أصناف الموت حاملين وزر أشواقنا تحت ضوء القمر.

في لحظات العذاب الجماعي، عندما يلمع الضوء في غياهب الجراح، تتوحّد الأوردة في مصبٍّ واحد يستعذب طعم الوجع.

أرى حصرم الحياة في هذه الدموع. أرى شفاهًا مزدهرة بالعطَش، وأفئدة تتكسّر مثل أباريق الفخّار وهي تحاول الذهاب إلى العمر.

أسمع شهوات تحرق كروم الصمت، وأمنيات تدور حول رحى الوهم، وحناجر تصرخ في بريّة وطنٍ يرقص على شفرة المقصلة.

أهلي ناسٌ كالطرقات تسير على الطرقات.. ينزفون ويحتضرون على الطرقات.. ومع كل زفرةٍ يطلقون ألْفَ ابتسامةٍ من عيونٍ مسربلةٍ بدموع مثل غيمة على جبين الوجود.

شوقي الريّس

مترجم فوري وصحافي

 عضو المجلس الاستشاري في مدرسة الترجمة بيروت