Webmail Annuaire Contact
كلمة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت


أيّها الزملاء الكرام،

1. أهلاً وسهلاً بكم في جامعة القدّيس يوسف، في قلب العاصمة اللبنانيّة بيروت، في قلب الجامعات اللبنانيّة كافّة المنضوية منها وغير المنضوية لاتّحاد الجامعات العربيّة، نرحّبُّ بكم أجمل ترحيب في بيتكم الثاني لبنان محتفين بكم ضيوفًا أحبَّةً وأعزّاء، وفق ما قال في ذلك الشاعر العربي :

نُنــزِلُ الضيفَ إذا ما حلَّ في                     حَبَّةِ القلب وألواذ الحشــــــــــــــا

نرجو أن تكون "دورة لبنان" هذه كما أقرّها مجلس اتّحادنا، فرصةً لنسلّط الضؤ على رسالة لبنان الاجتماعيّة والإنسانيّة النموذجيّة على صعيد العيش المشترك وحوار الأديان والثقافات والحضارات، وخاصّة في الظروف التي يعيشها العالم العربي اليوم نظرًا إلى ما يمثّله لبنان من تقدّم على صعيد التربية وخصوصًا التعليم العالي ومن نهضة علميّة وإنسانيّة ومن إنجازات وأعمال جلّى وإبداعات وتطوّر تربوي وعلمي ومن نشاط بحثي في مختلف مجالات التعليم العالي. لقد عشنا معًا "دورة فلسطين" الناجحة التي عُقدت السنة الفائتة في المملكة الأردنيّة الشقيقة وبالتحديد في جامعة الشرق الأوسط حيث تمّ استعراض مختلف المواضيع التي تهمّ التعليم العالي العربي، واتّخذت القرارات الآيلة لتعزيز رسالة الجامعة وجودة أعمالها وحوكمتها،وأعلنّا التضامن مع فلسطين وجامعاتها وأدركنا أنّ فلسطين ليست مخيّمًا أو مطلبًا سياسيًّا بل إنّها قضيّة من قضايا العرب الأساسيّة، نحملها وندافع عن حقوق شعبها، واثقين بأن حلّ هذه القضيّة بالعدالة هو مدخل لوطن عربي متجدّد ومعافى. ها هي إذًا دورة لبنان تأتي لتُشرّعَ الباب جليًّا واسعًا لمناقشة مختلف القضايا التي تهم التعليم العالي ّ والجامعات العربيّة ورسالتها في تكوين الفرد الـمُتمكّن بمختلف المعارف وذي الشخصيّة الفريدة الواعية الواثقة، وكذلك تكوين المواطن المتعلّق بوطنه وبهويّته وكذلك العامل من أجل العيش المشترك والمحافظة على العلاقات الاجتماعيّة الصحيحة وعلى قواعد المواطنيّة الحقّ وعلى الحوار والثقة المتبادلة والإيمان الواعي المسؤول.

أيّها الأحبّاء،

2.  تنعقد هذه الدورة ذات الرمزيّة بخاصّةٍ هنا في بيروت التي أُطلق عليها إسم "مطبعة العرب ودار نشرهم" لما لبيروت من دورٍ نهضويّ رائد في هذا المجال منذ السنة 1595 ميلاديّة عندما دخلت آلة الطباعة للمرّة الأولى عقر ديار العرب عبر لبنان، وكان ذلك بمثابة المدخل لتطوُّر التعليم المدرسي لأجيال وأجيال استفادت منه مختلف العائلات اللبنانيّة الروحيّة والكثير من الطلاّب العرب وكذلك لنشأة التعليم الجامعي منذ منتصف القرن التاسع عشر  عند قيام الجامعة الأميركيّة وكليّة بيروت للبنات مشيرًا إلى أنّ جامعة الحكمة اللبنانيّة تحتفل أيضًا بالسنة الأربعين بعد الماية لتأسيس مدرسة الحقوق فيها ومن ثمّ جامعة القدّيس يوسف المعروفة بالجامعة اليسوعيّة في السنة 1875 نسبةً إلى الرهبان اليسوعيّين الذين أتوا لـهذه البلاد حاملين كتيّب صلواتهم في يدّ وقلمهم في يدٍ أخرى علامة بأنّ الإيمان باللـه من ناحية، والعلم الواعي من ناحية أخرى هما الطريق لنشؤ حضارة لبنانيّة عربيّة ملؤها الثقة باللـه والذات وبالإنسان الآخر مهما كان الاختلاف. من هنا، التزام جامعة القدّيس يوسف منذ تأسيسها الإصغاء الكامل لحاجات المجتمع وخدمته، وشرعتها حدّدت رسالتها وقيمها ورؤيتها، وهي ثلاثية الأبعاد: التعليم والبحث وخدمة المجتمع. 

رسالتنا هي التميّز في إعداد أفضل الطلاّب في لبنان والمنطقة، وتزويدهم بأرقى أنواع المعارف وصقل شخصياتهم وإعدادهم ليكونوا مواطنين فاعلين في بناء وطن أفضل. لذا نتمسّك بإنماء الحوار عن طريق الثنائيّة الثقافيّة وتعدّد اللغات، ونصرّ على أن تكون جماعتنا واحة للتفكير وللتنشئة المكتاملة.

ويندرج ضمن أهداف الجامعة ورؤيتها ورسالتها الحرصُ على العلاقات المسيحيّة الإسلاميّة، من خلال المبادئ المقرّرة في شرعتها، وهي مبادئ توجيهيّة قيد التنفيذ كلّ يوم: مبدأ الحريّة الأكاديميّة والانفتاح الروحيّ، ورفض التمييز والإقصاء، ووج

هة النظر المسيحيّة التي تؤسّس لخياراتها الأساسيّة، والالتزام بالتسامح والعيش المشترك والاحترام المتبادل والعمل بلا كَلَلٍ من أجل مشاركة الجميع في مسيرة جامعتهم. 

ونحن في إطار التعليم الجامعي اللبناني نستمرّ في العمل من أجل الجودة والامتياز والريادة، فلنا ولكم الدَور الفاعل في بناء الأوطان وفي تعزيز وتمكين الموارد البشريّة القادرة والقائدة.

أصحاب الدولة والسعادة،

أيّها الزملاء الكرام،

3. واضح أنّ هذه الدورة تنعقد في ظروف صعبة وقاسية ومؤلمة يعيشها عالمنا العربي والإسلامي، فتبرز أمامنا تحدّيات متعدّدة، منها تحدّي محاربة التطرّف والإرهاب وبناء السلام والأمن، وتحقيق  العدالة الاجتماعيّة، وإرساء مجتمع المواطنة والحريّات المسؤولة، وتشييد مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة، وبناء منظومة التسامح والحوار والإخاء. والسؤال الذي يُطرح في عزِّ الحروب وقطع المفاصل والأوصال والقتل على الهويّة، هو التالي : هل لجامعاتنا العربيّة دَور في إخراج مجتمعاتنا من الأزمات الحاليّة ؟ هل لجامعاتنا دَور في صياغة فكرٍ تنويريّ يساعد في إطلاق نهضة عربيّة إسلاميّة ثانية وثالثة ؟ أتتحمّل جامعاتنا شيئًا من المسؤوليّة في انفلات الغرائر والضغائن وتعزيز الانقسامات بدل العمل على إرساء قواعد حسن التمييز والرأي الأصلح والنقد الذاتي المستمرّ وعلى الوحدة والمشاركة ؟

4. لا مجال لنا في هذه الجلسة أن ندخل في حوار جدلي ونقدي حول هذه المواضيع المطروحة، إلاّ أنّه لا بدّ للجامعة اليوم أن تساعد عالمـها في الإجابة على هذه السؤالات، إلاّ أنّها بفضل الموارد البشريّة القياديّة والوسائل التكنولوجيّة التي تمتلكها قادرة على رفع لواء التحدّي وهي المسؤولة حُكمًا عن مستقبل أبناء الوطن عندما تعلِّم شريحة واسعة من الشباب العربي وتعدّه ليكون المواطن والقائد الواعي والمسؤول.

والجامعة في العالم العربي خصوصيّة رسالتها في أنّها تلك المؤسّسة الرياديّة التي تُسنِد التربية إلى الحريّة الأكاديميّة المسؤولة وعلى الحوار العلمي الموضوعي ونحن نعرف أنّ البحث العلمي يقوم على هذه المبادئ والقواعد. ومؤسّسات التعليم العالي لها دور أساسي في تشييد مجتمع اقتصاد المعرفة خصوصًا في البلاد النامية حيث إنّ المعرفة هي أساس يرفع الظلمات والجهل والتّجهيل والتكفير إلى الوراء، وبناء الاقتصاد الملائم والتطوُّر المستدام وهكذا يعرف الإنسان نفسه بوجه أفضل ومن يعرف نفسه كما يقول الحديث الشريف عرف إلـهه، وعرف قواعد الأخلاق وقواعد العلاقة بالإنسان الآخر وعرف أنّ الطريق إلى النموّ الشخصي والجماعي هي المعرفة المشبعة بالمحبّة والاثنان يقودان إلى حضارة إنسانيّة صحيحة.

5. أيّها الزملاء الكرام، مرّة جديدة، باسمي وباسم مجلس جامعتنا وأساتذتها وطلاّبـها وموظّفيها وباسم الصديق العزيز الدكتور سلطان أبو عرابي وفريق عمل أمانة سرّ الاتّحاد، أهلاً وسهلاً بكم في بيروت وحللتم بيننا على الرحب والسعة. وأنتهز هذه الفرصة لأشكر الذين عملوا ويعملون بصمتٍ من وراء الستار لإعداد هذا المؤتمر كأمانتي سرّ الاتّحاد والجامعة وكذلك الفريق الإعلامي في جامعتنا والإعلاميّين اللبنانيّن كافّة وجميع الفرق العاملة في التعليم والمواكبة والاعتناء بكلّ واحدٍ من أعضاء هذا المؤتمر. صحيح أن جامعتنا هي فرنكوفونيّة وتعتمد اللغة الفرنسيّة وسيلة للتعبير والمخاطبة مع العلم أنّ الفرنكوفونيّة هي انفتاح على التعدّديّة والحوار. إلاّ أنّكم كما ترون اللغة العربيّة هي لغتنا أيضًا ونحن مستمرّون في القيام بها بيانًا وفصاحة على مستوى معهد الآداب الشرقيّة الذي خرّج الآلاف من أبناء الوطن العربي ويُشهد لنا بأنّ عملنا الكثير على تنميتها وتطويرها وسوف يستمرّ في ذلك العمل الدؤوب لتكون دومًا على مستوى انتظاراتنا.

نقول في كلمة شعار هذه السنة الأربعين بعد المئة : "معًا  سنبني المستقبل". فلا نقول نحن لا نعرف المستقبل. لا، بل إنّ على الجامعة أن تعرف ما تريد من المستقبل فتصنعه وتبنيه خدمة لوطنها ولأبناء شعبها.

عشتم،

عاشت جامعتنا،

وعاش اتّحاد الجامعات العربيّة.

 

 




صفحة الاستقبال
 
كلمة الدكتور سليم دكّاش
كلمة الدكتور السلطان أبو عرابي
 
برنامج الدورة
جدول الأعمال
البرنامج السياحيّ
 
إستمارة مشارك
إستمارة مرافق
Registration form - Participant
 
الإستعلام عن الفندق و حجز ليالٍ إضافية

 

 

© 2014 Tous droits réservés pour textes et photos, Université Saint-Joseph, Service des publications et de la communication