درس إفتتاحي لرياض سلامة في المعهد العالي للدراسات المصرفية وتقليده الميدالية القرمزية

ألقي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الدرس الإفتتاحي للمعهد العالي للدراسات المصرفية بحضور رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش ورئيس المعهد الدكتور جوزف طربيه ورئيس جمعية المصارف الدكتور فرانسوا باسيل ومديرة المعهد الدكتورة فدوى منصور
Lundi 21 octobre 2013
17h00
Amphithéâtre Gulbenkian - Campus des sciences sociales

قبل ان يلقي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الدرس الإفتتاحي للمعهد العالي للدراسات المصرفية ((ISEB التابع لجامعة القدّيس يوسف، بحضور رئيس الجامعة البروفسور الأب سليم دكّاش ونواب الرئيس ورئيس المعهد الدكتور جوزف طربيه ورئيس جمعية المصارف الدكتور فرانسوا باسيل ومديرة المعهد الدكتورة فدوى منصور وحشد من رؤساء المصارف اللبنانية وأكاديميين ومعنيين بالشأن المصرفي، قرأ شادي الزين مقتطفات من درس إفتتاحي أخر ألقاه فيما مضى العلاّمة بول هوفلان أمام طلاّب مدرسة الحقوق في بيروت والتي إحتفلت الجامعة هذه السنة بمئويتها. فكان هذا الوصل بين ماضيٍ كلية الحقوق والعلوم السياسية وحاضر المعهد الجديد، بمثابة تأكيد ان العراقة هي هدف كل الكليات والمعاهد في جامعة القدّيس يوسف. وكان الدرس الإفتتاحي مناسبة لتكريم حاكم مصرف لبنان عبر تقليده الميدالية القرمزية وهي أرفع ميدالية في جامعة القدّيس يوسف.
وكان رئيس المعهد الدكتور جوزف طربية قد ألقى كلمة ذكّر فيها بنشأة المعهد وقال :" وعلى الرغم من ظروف الوطن والمنطقة التي اعتدنا صعوبتها ومواجهتها بعزم واقدام، وايماناُ منا بأهمية الشراكة بين القطاعين المهني والتربوي عن طريق الجمع بين الفكر الأكاديمي والخبرة العملية، بادرنا في الجمعية وبالتعاون مع إحدى أرقى جامعات لبنان واكثرها تجذراً في نسيجنا اللبناني، الى تأسيس المعهد العالي للدراسات المصرفية، في خطوة شراكة رائدة من شأنها تعزيز التحصيل العلمي التخصصي في الحقل المصرفي والمالي في لبنان وفي منطقتنا".
ومن ثم ألقى البروفسور دكّاش كلمة تناول فيها بدايةً ظروف واسباب تأسيس المعهد وقال :" أُسس هذا المعهد من قبل جامعة القدّيس يوسف وجمعية مصارف لبنان بروحٍ من التعاون والجدية والمشاركة والكفاءة. نذكر أن هدفنا هو تنشئة كوادر ومدراء يتمتعون بالمهارة والكفاءة ويلتزمون بالنظام المصرفي اللبناني وبالنظم المصرفية الإقليمية والدولية الأخرى خصوصًا إن الدراسات ستتم بثلاث لغات هي الفرنسية والعربية والإنجليزية. فالمصارف اللبنانية تستحق أن يكون لها معهد، هي التي بدأت قبل الأحداث الأخيرة في المنطقة، بنقل خبراتها إلى الخارج والإقامة بشكلٍ مستديم في البلدان المجاورة. لهذا السبب، نستطيع أن نقول، ها هو اليوم المبارك الذي أَعدَّت له كل من الجامعة وجمعية المصارف، ليكون بداية النشاطات الأكاديمية في إطار المعهد العالي للدراسات المصرفية".
وتابع الأب دكّاش :" من الواضح أن هذا اليوم المبارك ليس من قبيل الصدفة لأن جامعة القدّيس يوسف وجمعيّة مصارف لبنان تستندان إلى تاريخ طويل وخبرة كبيرة هي خبرة مركز الدراسات المصرفيّة (CEB)، الذي قدّم خدمات جلّى للنظام المصرفي اللبناني حيث أعدَّ وأهّل الآلاف من الكوادر على قواعد أكاديمية متميزة. وسوف يكون تاريخ 21 تشرين الأوّل مدوّنًا بخط ذهبي في حوليات جامعة القدّيس يوسف وجمعية مصارف لبنان  لأن التعاون والمشاركة والتبادل والشراكة أمور لا بد من أن يحتفى بها ويتم الاحتفال بها خاصّة في بلدان ساد فيها مع الزمن مناخ من الفردية والانكفاء على الذات. وهذا يحتّم علينا، من الآن وصاعدًا، أن نركّز على الأعمال المشتركة والذكاء الجماعي والشراكة لبناء اقتصادنا وتعزيزه، أكان ذلك الاقتصاد المادي أم اقتصاد المعرفة. وهذا الاقتصاد، اقتصاد المعرفة، هو أمانة لبنانيّة بين أيدينا، ينبغي تنميته على الدوام لأنّه الرأسمال البشري المتميّز، ثروة لبنان العلميّة والفنيّة والأدبيّة."
وتوجه رئيس الجامعة في نهاية كلمته الى حاكم مصرف لبنان قائلا :" كيف لنا ألاّ نثني على الحوكمة البصيرة الصالحة للقطاع المصرفي التي مارستموها مذ تبوّأتم مركز حاكميّة مصرف لبنان، وهي حوكمة يتوجب أن تنقل إلى قطاعات أخرى كالحياة السياسيّة اللبنانيّة التي ربما أصبحت مجردة من الحياة. لست بحاجة إلى تكرار ما قيل من الخبراء وما تقوله، أفضل منّي، مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية بمناسبة منحكم الألقاب المتعددة والجوائز التي استحقيتم الحصول عليها. ولكن، من دون تلك الحوكمة الصالحة المتبصرة، التي تُمارس عن سابق علم، المتأنية لكنها الفعالة، والموجِّهة لكنّها المنفتحة، والحديثة لكنّها القائمة على أساس قيم النزاهة والولاء للوطن والتضامن الاجتماعي، المستندة إلى رؤيا بعيدة النظر لكنها الواقعية، لولا هذه الحوكمة، لما كان القطاع المصرفي ما هو عليه اليوم في الوضع المحلي والإقليمي المتبلبل الذي يهز الاقتصاد الأكثر جودة."
اما في درسه الإفتتاحي فتطرق حاكم مصرف لبنان الى الأزمة المالية الكبرى التي بدأت في الولايات المتحدة الأميركية عام 2008 والتي امتدت الى معظم الدول الصناعية. وبعد ان شرح أسباب هذه الأزمة ولخصها بالسعي إلى الربحية والمنافسة على الحصص في السوق والسماح للمصارف بدمج أعمال تجارية مع أعمال استثمارية وتوجهها الى المضاربة في الأسواق المالية بالأوراق والسلع، وبالإسترسال بالقروض العقارية والإسكانية دون تقييم المخاطر والتحوط لها، تحدث عن الأسباب التاريخية للازمات المالية وتأثيراتها على المتغيرات الإقتصادية والمصرفية حول العالم. فالأزمات المتعاقبة جعلت الدول تصدر قوانين تجعل من المصارف ومن القيّمين على أنظمة الدفع شركاء في مكافحة التهرب من الضرائب وتبييض الأموال.فالمصرف الذي لا يتعاون يعاقب بإقصائه عن نظام المدفوعات مما يحتّم خروجه من القطاع أو الحد من نشاطه.