ندوة التنشئة على الإيمان للجيل الجديد ناقشت شرعة التعليم الدينيّ

الإثنين 19 نيسان 2021

عقدت جمعية "تصالح" وجامعة المقاصد في بيروت بالتعاون مع KAICIID، يوم السبت في العاشر من نيسان 2021، ندوة بمشاركة بعض الأعضاء حضوريًا ومشاركة آخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لمناقشة مشروع: "التنشئة على الإيمان: شرعة تربوية للجيل الجديد" (66 بندًا ولائحة مراجع).

أعد المشروع لجنة مصغرة في إطار متابعة وثيقة الأزهر حول "المواطنية والعيش معًا" (2017) ووثيقة "الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" (2019) ووثائق أخرى مرجعية منذ خمسينيات القرن الماضي.

 شكلت خلاصة الندوة جزءًا أساسًا في سبيل فهم بنود الشرعة ومتابعة التطبيق في مؤسسات تعليمية. تولى تنسيق الندوة السيدة بينالا الحاج وأدارت الجلسات بمشاركة د. توفيق منصور،

وشارك فيها كل من رئيس جامعة القدّيس يوسف البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ (مقاربات تحديثية في العولمة)؛ رئيس جامعة المقاصد البروفسور عبد الرؤوف سنو ممثلاً بالعميد البروفسور أمين فرشوخ (التنشئة على الإيمان)؛ الشيخ د. سامي أبي المنى (الأهم هو الجوهر)؛ الأب دومينيك لبكي (ضرورة المتابعة)؛ الأب بولس وهبه (سؤال الإيمان الاختباري)؛ د. ندى حسن (مسار فكري روحي انساني)؛ د. عبد الناصر الصلح استقطاب الجيل الجديد)؛ السيدة نبيلة بلطجي السمّاك (التمييز بين ثلاثة مستويات)؛ الأب رمزي جريج (مرجعية الوثائق السابقة)؛ د. أنطوان قربان (أؤمن كما أريد)؛ د. سعاد الحكيم (مراجعة الصياغة)؛ د. أحمد حطيط (مرجعية وثائق سابقة)؛ الشيخ د. محمد النقري (انتفاضة ذهنية)؛ د. وليد حمود (مواجهة الضبابية)؛ والدكتور أنطوان مسّرة الذي استخلص توجهّات عدة من الندوة اختصرها بالآتي:   

         1. الموضوع : موضوع الشرعة: "التنشئة على الإيمان" الذي هو الجوهر والهدف انطلاقًا من النصوص المرجعية الصادرة منذ 2017، بخاصة وثيقة الأزهر حول "المواطنية والعيش معًا" (2017) ووثيقة أبو ظبي حول "الأخوة الإنسانية والسلام العالمي" (2019) ووثيقة البابا فرنسيس حول "الأخوة الإنسانية" (2020)، وانطلاقًا من التحوّلات في عالم اليوم وبعض مفاعيل العولمة.

         لا تتطرق الشرعة الى "التعليم الديني" ولا الى "الثقافة الدينية"، وهما قضايا رديفة بالنسبة الى الجوهر الذي هو الإيمان. وسبق أن عقدت ندوة في اطار الماستر في العلاقات الإسلامية المسيحية شارك فيها تلامذة عبّروا عن تفاعلهم مع التعليم الديني حيث يتبيّن أن نمطية في هذا التعليم تؤدي الى هروب التلامذة من الدين أو اعتمادهم التديّن بدون قناعة ذاتية، في حين أنّ الإيمان هو علاقة اختبارية شخصية بالوحي نابعة من قناعة ذاتية، وليس مجرد تديّن أو انسجامًا مع تفسيرات وتقاليد. ليس الإيمان انتماء وهوية وطنية أو فئوية، ولا تديّنًا بلا قناعة ذاتية حرّة، ولا طقوس جامدة بلا حياة، ولا قناعة مجرد عقلانية لا تغيّر في سلوك الانسان وعلاقاته. أكثر البيانات الإسلامية المسيحية في السنوات 1954-2012 لا تدخل في التوضيح، على عكس البيانات الأخيرة منذ 2017 بسبب ادراك المخاطر النابعة من تحوّلات في عالم اليوم والتي تتطلب تغييرًا في النفوس.

         انه، كما جاء في مداخلات بعض المشاركين، لمسار "خطير" ويتعرض لعراقيل وحواجز! حكم على يسوع وتعرّض نبي الإسلام، وكذلك الأنبياء والرسل والحكماء، للاضطهاد لأنهم يغيّرون في النفوس. مشروع الشرعة حول الإيمان لا يُفرض على أحد، بل هو ذاتي كالإيمان، ولا يسعى بالتالي واضعوا الشرعة لفرضه. من يتبنى الشرعة هو أيضًا حر في اغناء منابعها من خلال خبراته الحياتية الفكرية والاختبارية والمعاشة.

         2. الاعتماد على وثائق مرجعية رسمية: ليست الشرعة تعبيرًا عن رأي أو موقف ، بل هي خلاصة تطبيقية، وبعض الأحيان توضيحية، تنطلق من وثائق رسمية مرجعية. بالإمكان ذكر المرجعية في كل بند من بنودها. تمّ تجنّب ذلك تسهيلاً للقراءة. ولكنه يمكن مراجعة دراسة توليفية حول البيانات المسيحية الإسلامية المشتركة الصادرة عن معهد الدراسات الإسلامية المسيحية في جامعة القديس يوسف في خمسة أجزاء في السنوات 1954-2012. تُشكل هذه الدراسة وثيقة مرجعية إضافية.

         3. صدقية اعلان المبادئ في التطبيق: ليست الشرعة اعلانًا لمبادئ واردة في الوثائق المرجعية، بل تفسيرًا لمضامين هذه المبادئ وأشكال تطبيقها، أي ما تتجنّب الغوص فيه وثائق مرجعية. ان صدقية المبادئ والنوايا غير المعلنة تتمظهر في التطبيق. لا فائدة قصوى بالتالي في التمادي في مناقشة الشرعة، بدلاً من العمل على التوسّع في تطبيقاتها التي تسمح مستقبلاً بمزيد من التوضيح انطلاقًا من التطبيق.

         4. الصيغة الختامية: ليس المطلوب من المؤسسات المشاركة والمربين الموافقة التفصيلية على كل البنود. يستحيل عمليًا لأي مؤسسة أو مربي تطبيق كل البنود. يُستحسن الحفاظ على طابع الشرعة كمشروع صادر في لبنان، مع مراجعة الصياغة استنادًا الى ملاحظات المشاركين. تهدف عبارة مشروع الى التركيز على عدم الإلزامية، حرصًا على الحرية بالذات لأن "لا اكراه في الدين" ولا، بشكل أكثر عمقًا، في الإيمان.

         5. المتابعة: ليست الشرعة وثيقة إضافية لضمها الى وثائق مرجعية سابقة، بل اطارًا تطبيقيًا في سبيل المتابعة بالتعاون مع مؤسسات تعليمية ومعلمين.

         6. نماذج تطبيقية: ترد في الشرعة مراجع أجنبية كنماذج في تفسير الأديان للشباب في تراثها الإيماني وشهادات مؤمنين، مما لا يتوفر غالبًا في الأدبيات العربية. سبق لجمعية "تصالح"، بمشاركة طلاب في قسم الماستر في العلاقات الاسلامية المسيحية أن أعدّت وثيقة بعنوان: "الفكر الديني لبنانيًا" تتضمن نصوصًا مختارة لكبار رجال دين مسيحيين ومسلمين لبنانيين.

 

نورد في ما يلي بعض ما ورد في مداخلات المشاركين:

         د. أمين فرشوخ: التنشئة على الإيمان: "تجربة جامعة المقاصد واسعة وفيها الكثير من التطبيق حول نظريات متوفرة نعمل معًا في سبيل تعميمها. راودتني أسئلة عديدة حول التنشئة على الإيمان. تحتضن الجامعة هذا العمل وتعطيه مزيدًا من الزخم للوصول الى الغاية".

         الأب سليم دكاش: مقاربات تحديثية في العولمة: "التعاون بين جامعة القديس يوسف وجامعة المقاصد له أبعاد تاريخية ومستمرة، بخاصة مع د. هشام نشابه والأب دوبره لاتور. فتحت العولمة باب التواصل السهل في القرية الكونية ولها فوائدها، ولكن أيضًا مشاكلها وارتداداتها في بروز هويات فردية وجماعية وعصبيات، ما يتطلب مقاربات متجددة".

         الشيخ د. سامي أبي المنى: الأهم هو الجوهر: سبق أن شاركنا في حلقات سابقة. نكمل الآن مع التركيز على التثقيف الروحي. يقول كمال جنبلاط سنة 1974 أنّ التربية الحقيقية هي تحول وسيرورة تجاه تحدي الحضارة المادية. تسعى التنشئة على الإيمان الى التوافق بين العقلانية والوجدانية. الدين هو السبيل. تؤكد الوثائق المرجعية على هذه الروحية وعلى أنّ الانسان هو الأساس. والحاجة الى التمييز بين التديّن بالشكل الخارجي وبين الإيمان. الأهم هو الجوهر وآداب الدين قبل الدين. تحمل كل المواد التعليمية رسالة إنسانية. نركّز على العلمانية الروحية وليس العلمانية الجامدة. كيف نقرأ ونستخلص من مجمل البيانات الإسلامية المسيحية رسالة الإيمان. نتربى عليها ونقصّر المسافة بين الله والانسان".

         الأب دومينيك لبكي: ضرورة المتابعة: "لا تقتصر التربية على المعلمين بل تشمل شركاء تربويين. أتمنى أن لا يكون مصير الشرعة كمصير وثائق أخرى! لنبحث في المعنى لمعالجة جذور التعصُّب ولنبحث في التطبيق من خلال اجتماعات مصغّرة للتوضيح بحثًا عن المعنى الذي يتخطى المقولة أن كل الأديان متشابهة وتحديد آليات المتابعة. الصورة السائدة عن الطوائف أنها متقوقعة على ذاتها. الحاجة الى التركيز على الجوانب السلوكية وإنتاج نماذج تطبيقية".

         الأب بولس وهبه: سؤال الإيمان الاختباري: "في نهاية التسعينيات سعينا في المركز التربوي للبحوث والانماء الى التفكير بتعليم مشترك للأديان في سبيل الاثراء المتبادل. الحاجة الى الاستفادة من التجارب السابقة. ورد في الوثيقة السؤال الإيماني الاختباري من خلال مخاطبة قلوب الطلاب والتوازن بين العقلانية والوجدانية (بند 46)".

         د. ندى حسن: مسار فكري روحي انساني: "لبنان قبلة المجتمعات اذا سعينا الى حسن إدارة الموارد. المفاهيم متداخلة. في الفقرة 8 سعي للخروج من عقال الدين الى آفاق التربية واعتماد مسار فكري روحي اختباري سلوكي، أي المعرفة البنائية والفكر النقدي في حالة العولمة المفتوحة. مشروع الشرعة لم يولد من فراغ".

         د. عبد الناصر الصلح: استقطاب الجيل الجديد: "يندرج المشروع في قسم منه في الإدارة الديمقراطية للتعددية والبحث عن سمو القيّم. لا تستقطب المؤسسة الدينية بالضرورة الجيل الجديد".

         السيدة نبيلة بلطجي السمّاك: التمييز بين ثلاثة مستويات: "نتساءل بمرارة لماذا تتجدّد الاضطرابات الطائفية في لبنان من جيل الى جيل. لا جواب سوى بالاتهامات! حاولت البحث عن الجواب في عمق الداخل. طفل اليوم هو رجل الغد. يبدو أنّ الأمر التربوي الديني محصور بأهل الدين ذاته. ما يلفت النظر في المشروع التمييز بين ثلاثة مستويات والتركيز على المسار الفكري والروحي والعودة الى جذور نشأة وصياغة المبادئ العامة للعقائد والطقوس. لا بدّ من توفير تنشئة دينية متجددة".

         الأب رمزي جريج: مرجعية الوثائق السابقة: "اعتمد المشروع مرجعية الوثائق السابقة مع التركيز على الأنسنة. الإيمان مشروع أنسنة لا تكتمل إلا بالعلاقة بالله. هنا يكمن التمييز بين التديّن الطبيعي والإيمان البنّاء الذي يعمّر الإنسانية. يتوجب التركيز اليوم على علاقة الدين بالحروب والنزاعات واستغلال الحس الديني. الحاجة الى نزع الفتيل الديني. المشروع هائل وخطير في مقاربته الإيمانية لشؤون تجمّدت في الأذهان والى أي مدى يتوفر للشرعة شروط وتسهيلات. ما هو الوحي الذي يدخل الى القلب؟"

         د. أنطوان قربان: أؤمن كما أريد: الجامعة كانت سبّاقة في هذا العمل. في التربية سلطة autorité. المشروع هو عمل وطني لبناني يثبت أنّ لبنان على سرير الموت قادر على احياء رسالته. الإيمان والانتماء الى منظومة دينية ليسا مرادفين! الإيمان مسار شخصي فردي عنوانه الحرية، أي أني أؤمن كما أنا أريد، وأتفاعل مع ذاتي ولا أحد يؤمن مثل الآخر! أقترح التركيز على نقل التراث الإيماني. هنا تكمن أهمية وثيقة أبو ظبي حيث المؤمن وغير المؤمن هما في ذات مرتبة الكرامة والأخوة الإنسانية. وثيقة أبو ظبي مركزيّة حضارية وهي في مرتبة شرعة حقوق الانسان وتضع المؤسسات الدينية أمام موجباتها الأخلاقية".

         د. سعاد الحكيم: مراجعة الصياغة: من الضروري مراجعة الصياغة والتبويب وبعض المصطلحات. بعض البنود مرفوضة حسب ذهنيات سائدة".

         د. أحمد حطيط: مرجعية وثائق سابقة: من الأفضل تخصيص المشروع بلبنان. يعتمد المشروع مرجعية نصوص مهمة."

         الشيخ د. محمد النقري: انتفاضة ذهنية: "لا نعبّر غالبًا عن اختلافاتنا ونمارس التعتيم على الجوهر! ماذا يريد أتباع دين من أتباع دين آخر؟ المفردات التي نستعملها لها مدلولات مختلفة. الحاجة الى انتفاضة ذهنية. أين المسار اليوم في وطن الرسالة؟ ما هي ثمرة التربية الدينية السائدة؟ أين الخطأ؟ تراجعنا كثيرًا. لم نتطرق الى النفوس! ولم نتطرق الى النفاق وبعض النفاق في الشأن الديني في لبنان! لا  نستطيع الاستمرار في منطق ملتبس. اني أكثر قربًا من مسيحيين مؤمنين من بعض المسلمين الذين قالوا لي: شو خصك بمريم! لندرس علم النفس الحواري الديني ولنعمل على النفوس".

         د. وليد حمود: مواجهة الضبابية: المشروع بالغ الأهمية. انه ضابط إيقاع ومسار تحوّل. ماذا بعد هذا المشروع في سبيل معالجة الضبابية في العلاقات؟ يسعى المشروع الى تعميق معنى الإيمان بالخالق في زمن حيث نظم سياسة واجتماعية وايديولوجية مارست وتمارس تناقضًا. من الضروري انتاج نماذج تطبيقية".