كرّمت جمعيّة متخرّجي كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة والاقتصاديّة في جامعة القدّيس يوسف في بيروت عضو هيئتها الإداريّة القاضي أيمن عويدات، بعد تعيينه في مجلس الوزراء رئيسًا لهيئة التفتيش القضائي. فأقامت حفل عشاء على شرفه في مجمّع A.T.C.L. الكسليك، حضره عدد كبير من الشخصيّات الحقوقيّة والقضائيّة والأكاديميّة، بالإضافة إلى رئيس وأعضاء الجمعيّة.
تكلّم في المناسبة رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، فشدّد على اللقاء "كأسرة كلّيّة الحقوق في جامعة القدّيس يوسف، تجمعنا المودّة كما يجمعنا الهمّ المشترك والرسالة الواحدة: خدمة لبنان، وخدمة العدالة، وخدمة التربية".
وأكّد على "القضاء الحرّ المستقلّ"، وأضاف: "في وقتٍ تتخبّط فيه البلاد في أزمات متتالية سياسيّة، واقتصاديّة، ونقديّة، وأخلاقيّة، تبرز العدالة كعنصر لا غنى عنه لأيّ إصلاح حقيقي. فالعدالة ليست مجرّد سلطة من سلطات الدولة، بل هي معيار نهضتها، وشرط ثقة المواطن بدولته. ولا يمكننا بناء نظام سياسيّ فاعل، ولا اقتصاد منتج، ولا ثقافة وطنيّة سليمة من دون قضاءٍ مستقلّ، شجاع ونزيه. ولا يمكن للعدالة أن تكون أداة خلاص إلّا إذا تسلّحت بالضمير والاستقامة وبالحرّيّة الداخليّة التي ترفض الإملاءات والضغوط".
وختم شاكرًا جمعيّة المتخرّجين على هذا التكريم.
كما تكلّم رئيس الهيئة الإداريّة للجمعيّة الوزير السابق القاضي عبّاس الحلبي، فقال: "نلتقي اليوم في مناسبة ليست عابرة، بل محفوفة بالمعاني الكبيرة. نلتقي لنكرّم قامة قضائيّة، وزميلًا أعزّ، وصديقًا أعرفه شخصيًّا منذ عشرات السنين، هو القاضي أيمن عويدات، الذي تمّ تعيينه مؤخرًا رئيسًا للتفتيش القضائي، في لحظة وطنيّة نحن أحوج ما نكون فيها إلى قامات نزيهة، ورؤوس مرفوعة، وأكتاف لا تنحني أمام الرياح".
وأضاف: "أيمن ليس فقط زميلًا لي – وإن كنت سابقًا زميلًا له ولكثيرين منكم الحاضرين، بل هو رفيق دربٍ في جمعيّة كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة في جامعة القدّيس يوسف. شراكتنا في هذه الجمعيّة عبر السنوات كانت دائمًا مفعمة بالمسؤوليّات، بالحوار، وبالإيمان العميق بأنّ العدالة ليست مهنة بل رسالة.
لقد عرفته كما عرفه كثيرون منكم: نزيهًا لا يساوم، حكيمًا لا ينفعل، صادقًا مع نفسه قبل أن يكون صادقًا مع الناس. ومسيرته القضائيّة تشهد له بأنّه ابن مدرسة الآباء اليسوعيّين قولًا وفعلًا: صلب المبدأ، متسامٍ عن الصغائر، ومترفّع عن كلّ إغراء.
بقي لسنوات طويلة يحكم بين مالكٍ ومستأجر، ولم نسمع منه تأفّفًا لطول المدّة التي بقي فيها. ولكنّنا، وكثيرون غيري، يرون فيه أنّه أكثر استحقاقًا في مركز القرار في قصر العدل، وليس فقط في مركز الحكم في المحكمة، على أهميّته".
وختم قائلًا: "اليوم، إذ يتسلّم القاضي عويدات مسؤوليّات التفتيش القضائي، فإنّنا لا نكرّمه فقط بصفته مسؤولًا قضائيًّا، بل نكرّمه كزميلٍ حمل معنا همّ الجامعة وطلّابها، همّ القانون، وهمّ الوطن. باسم جمعيّة الخرّيجين في كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة، وباسم الأصدقاء الذين واكبوا مسيرتك، أقول لك: نحن معك، نثق بك، ونعتزّ بك. شكرًا لك، وشكرًا لكلّ من آمن بأنّ الكلمة لا تزال ممكنة في وجه الفساد، وأنّ القاضي لا يزال يستطيع أن يكون ضميرًا لا مجرّد موظّف. وتحيّة للسيدة رانية التي شاركتك وتشاركك في كلّ هذه المراحل الصعبة والهنية، وتحيّة لوالدتك الحاضرة بيننا".
ثمّ كانت كلمة شكر من القاضي المُكرَّم أيمن عويدات، رئيس هيئة التفتيش القضائي، فقال: "إنّ لهذا التكريم معنى خاصًّا بالنسبة إليّ، ليس لأنّه آتٍ من زملاء ورفاق مهنة فحسب، بل لأنّه آتٍ من مؤسّسة علّمتنا مبادئ احترام وتطبيق القانون. إنّ التكليف برئاسة هيئة التفتيش القضائي يتطلّب عملًا جدّيًّا ومسؤولًا ومُستمرًّا. فالبعض يرى هيئة التفتيش كأنّها جهاز تأديبي أو مرجعيّة للمحاسبة (بمعنى البُعبُع)، أمّا الحقيقة فإنّ دورها أوسع بكثير: يبدأ من ضبط ورفع الأداء والإرشاد، مرورًا بحماية صورة وسمعة القضاء، وصولًا إلى دعم القاضي عندما يشتغل بجديّة وضمن الأصول. والأولويّة اليوم أن نُرجع ونُرسّخ هذا الدور بمعايير واضحة، من دون ضجّة، ومن داخل الجسم القضائي، وليس من خارجه".
وأضاف: "صحيح أنّ القضاء مرّ بأيّام صعبة، لكنّه يستحقّ أن نعمل على إعادة هيبته وكرامته. فالهدف ليس فقط تصحيح الخطأ، إنّما وضع المؤسّسة على السكّة، ليأتي من بعدنا من يُتابع المسيرة ويُعيد ثقة الناس بالقضاء وبقصر العدل".
وألقى وزير العدل المحامي عادل نصّار كلمة قال فيها:"يوم كُلّفت وزيرًا للعدل، فكّرت: ما هي أفضل طريقة لأُعطي انطباعًا إيجابيًّا عن الوزارة؟ رأيت أنّ قرار استقلاليّة القضاء يحتاج إلى وقت، فاخترت أن أبدأ بالتعيينات عبر اختيار الشخص المناسب في المركز المناسب، حيث لا يُشكّك أحد في الأمر، خصوصًا أنّ القاضي عويدات بقي فترة طويلة جدًّا في المحكمة ذاتها. فاقترحت اسمه، وتبدّل الجوّ العام، ما أعاد الثقة بالقضاء".
وشكر القاضي عويدات قائلًا له: "استطعت أن أبدأ ولايتي كوزير بخطوة صائبة".
كما ألقت المحامية ماري أنطوانيت غسطين عيروط كلمة، تحدّثت فيها عن مزايا القاضي أيمن عويدات وصفاته الطيّبة، مشيرةً إلى أنّه كان أحد طلّابها في بداية مسيرتها التعليميّة في الجامعة.
وقدّم رئيس الهيئة الإداريّة وأعضاء الجمعيّة درعًا تكريميّة للقاضي عويدات، تسلّمها من الوزير السابق القاضي عبّاس الحلبي، ومن الأب دكّاش، والوزير نصّار، وأعضاء الهيئة الإداريّة.