احتفلت دائرة الحياة الطلاّبية في جامعة القدّيس يوسف في بيروت(USJ)، بالشراكة مع مؤسّسة فريدريش ناومان من أجل الحرية (FNF)، بالنسخة العاشرة من مشروع البرلمان النموذجيّ للشباب(MYP)، واختُتمت بجلسة عامّة نهائية عقدت في مقرّ مجلس النواب اللبناني يوم الإثنين 28 نيسان 2025، بمشاركة النائبين عناية عزّالدين وسليم الصايغ ورئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ وممثلين عن المؤسّسة ناومان.
استُهلّت الجلسة بكلمة ترحيبيّة لمديرة دائرة الحياة الطلاّبية في جامعة القدّيس يوسف في بيروت السيّدة غلوريا عبدو، وشكرت فيها الرئيس نبيه برّي لإتاحته الفرصة أمام الطلاّب لعيش تجربة المحاكة هذه، كما توجّهت بالشكر إلى النائبين المشاركين وإلى رئيس الجامعة، وأثنت على التعاون المثمّر مع مؤسّسة ناومان، ودعت النائب الدكتورة عناية عزّالدين لإلقاء كلمتها.
عزّالدين
توجّهت الدكتورة عزالدين إلى الطلاّب قائلة: "كلّفني دولة رئيس مجلس النواب بتمثيله في هذا اللقاء، فكان لي شرف الحضور بينكم وسعادة التفاعل معكم في مجلس النواب اللبناني، هذا الصرح الذي يجسّد إرادة الشعب، ويشكّل قلب الحياة الديمقراطية"، وعن لقائها بالطلاّب قالت: إنه "ليس مجرّد واجب أو محطة بروتوكولية، بل هو فعل إيمان عميق بأنكم أنتم وأنتن، بجموح أفكاركم/ن وبحسكم/ن النقدي وبشغفكم/ن بالتغيير، تشكلون رأسمال لبنان البشري الحقيقي" وتابعت تقول: "أنتم وأنتن لستم/ن فقط “المستقبل”، كما اعتدنا أن نقول، بل أنتم وأنتن “الآن” بكل ما تحملونه من طاقة وقدرة على مساءلة الواقع وتحدّيه، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى إجابات جديدة على أسئلة قديمة، أثقلتنا ردودها الجاهزة والناقصة والمجزئة" معتبرة أن الطلاّب وحدهم قادرين على "كسر التكرار القاتل، وابتكار رؤى تتّسع لأحلام الناس وآلامهم، وتسير بهم إلى آفاق تتجاوز الانقسام والانكماش والجمود".
وتوقفت على أهمية دور المجلس النيابي فهو "أمّ المؤسّسات وركيزة نظامنا البرلمانيّ السياسي والدستوري"، وعدّدت التحديّات البنيويّة التي تعترض الحياة السياسية في لبنان وهي: النظام الطائفيّ؛ التداخل بين العوامل الخارجية والداخلية وما ينتجه ذلك من تأثيرات مالية واقتصادية وأمنية وعسكرية وضغوطات سياسيّة؛ وفقدان الثقة بمؤسّسات الدولة.
وأمام هذه التحدّيات تحدّثت النائب عزّالدين الحلول العملية إذ "لا يمكن إحداث فرق حقيقيّ في الحياة التشريعية والسياسية إلاّ بالاعتماد على الأفكار الجريئة والمبتكرة والشجاعة التي عادة يحملها الشباب والشابات. هذا المسار نحو التغيير يحتاج إلى استراتيجيات تقوم على المشاركة، والانفتاح، والدمج"، ودعت إلى " العمل الفوري على تحسين الأداء التشريعيّ وتفعيل دور مجلس النواب بشكل عملي ومسؤول".
وفي ختام كلمتها شجعت الطلاّب للتعبير عن أفكارهم التي ستحافظ على لبنان كوطن نهائيّ لجميع أبنائه، وشكرت جامعة القدّيس يوسف كما توجهت إلى الطلاّب بالقول: "شكرًا لكم أيها الشابات وأيها الشبان وتمنياتي لكم بالتوفيق في نشاطكم اليوم وفي الآتي من الأيام والسنين".
دكّاش
استهّل رئيس الجامعة البروفسور سليم دكّاش كلمته بتوجيه الشكر إلى الرئيس برّي وإلى النائبين عزالدين والصايغ، وقال: "اليوم، وفي السنة الـ150 لتأسيس جامعتنا، يجمعنا هذا المقام الوطني الرفيع، تحت قبة مجلس النواب اللبناني، بيت الديمقراطية، وملتقى الآمال، والتطلعات في مناسبة استثنائية عنوانها الأمل بالمستقبل والرهان على أجيال الغد"، معتبرًا أننا هنا اليوم "لا لنشهد محاكاة جلسة نيابية شكلية حضّرتم لها منذ زمن، بل لنرى بعيوننا ملامح لبنان الجديد تتشكل عبر عقول شبابه واندفاعهم. نجتمع لنقول للعالم إن لبنان، برغم كلّ العواصف ما زال ينبت حياةً، ويُخرج من رحم المعاناة قادة سيصنعون الفجر الآتي"، مؤكّدًا للطلاّب أن "هذه الجلسة ليست بداية الطريق بل بداية رحلة طويلة وشاقة"، وأضاف: " واليوم، أقول لكم: علمكم هو سلاحكم، وقيمكم هي درعكم. يجب أن تكونوا حالمين؛ بل يجب أن تكونوا أيضًا مثابرين، لا تكتفون برفع الشعارات، بل تكتبون البرامج، تخططون، وتعملون، تسعون في الأرض لا تيأسون. أنتم اليوم تتعلمون كيف تُصاغ القوانين، وغدًا ستصيغون مصير وطن بأكمله. أنتم تحاكون اليوم، ولكنكم ستحكمون وتغيّرون غدًا".
وختم بالقول: " لبنان يناديكم. الأرض التي تعب فيها أجدادكم، والتي سالت عليها دماء الشهداء، تناديكم لتكملوا المسيرة. كونوا على قدر النداء. كونوا حملة رسالة، لا حملة شعارات. كونوا بناة وطن، لا بناة جدران فاصلة. أخاطبكم أيها الطلاّب أنتم الأمل، أنتم الطاقة، أنتم القيامة".
المصري
من جهتها تحدّثت السيّدة مي المصري ممثلة مؤسّسة فريدريش ناومان للحرية- مكتب لبنان عن التثقيف السياسي الذي لا تعتبره المؤسّسة جانبيًا أو رفاهية بل هو "ضرورة لتأسيس أي نظام ديمقراطي حقيقيّ" وتوقفت على ما يعيشه "الشباب في لبنان من أزمات متلاحقة ويدفعون ثمن أمور لم تأتِ نتيجة خياراتهم، لذا تعمل المؤسّسة على إيجاد مساحة تساعدهم على فهم العمل السياسيّ عن قرب وليس كأمر معقد وبعيد بل كأداة باستطاعتهم استخدامها ليغيروا واقعهم".
وعن تجربة محاكاة البرلمان (MYP) قالت إنه لم يكن يومًا سهلاً بل "طوّرناه خلال سنوات صعبة، وفي ظلّ أزمات سياسية واقتصادية وحتى أمنية، لكن الحقيقة الوحيدة التي ظلّت واضحة بالنسبة لنا، وكانت بمثابة نور يضيء العتمة، هو إيماننا العميق بالشباب اللبناني".
وأشارت إلى تطوير موضوعات مضمون البرنامج، وضرورة ارتباطه بالواقع، وقالت "هذه السنة ارتكزنا على مبادئ خطاب قسم الرئيس عون، واخترنا مشاريع قوانين مستندة إلى البيان الوزاري والإصلاحات الأساسيّة المطلوبة، ركزنا على قوانين مرتبطة بحاجات الناس وبالنقاش العام".
وختمت بتوجيه الشكر إلى "كلّ من ساهم بنجاح هذا المشروع من شركاء ونواب وممثلين للأحزاب اللبنانية وكلّ طالب وطالبة آمنوا بهذا المشروع".
وكان ناقش الطلاّب أربعة قوانين إصلاح القانون الانتخابي، إعادة هيكلة القطاع العام، وترسيم الحدود وتعديل بعض أحكام القضاء العسكري، وترأس الجلسة النائب سليم الصايغ، وجرى التصويت على تعديلات القوانين بالتصويت الإلكتروني الذي تأمّن في القاعة من خلال النظام المعتمد في الانتخابات الطلاّبية في جامعة القدّيس يوسف في بيروت.
واختتم اليوم البرلماني الطويل بسهرة وُزعت خلالها الجوائز التقديرية والشهادات للطلاّب المتميزين وللطلاّب الأربعة الذين فازوا برحلة تعليمية إلى برلين.